. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأما توالي الشرطين فقد قال المصنف: إنه يستغنى بجواب سابقهما كما رأيت، ومقتضى هذا أن الشرط الثاني له جواب مقدر، لكن كلامه في شرح الكافية يقتضي أن الثاني لا جواب له لأنه قال (?): «إذا توالى شرطان دون عطف فالثاني مقيد للأول كتقييده بحاله واقعة موقعه، والجواب المذكور أو المدلول عليه للأول والثاني مستغن عن جواب لقيامه مقام ما لا جواب له وهو الحال مثال ذلك قول الشاعر:
4059 - إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا ... منّا معاقل عزّ زانها كرم (?)
فهذا بمنزلة أن تقول: إن تستغيثوا بنا مذعورين تجدوا [منا] معاقل عز، فالشرط الأول هو صاحب الجواب، والثاني مفيد ما يفيده الحال من التقييد، ومن هذا النوع قوله تعالى: وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ (?) فـ «لا ينفعكم» دليل على الجواب المحذوف، وصاحب الجواب أول الشرطين والثاني مقيد له مستغن [5/ 165] عن جواب والتقدير: إن أردت أن أنصح لكم مرادا غيّكم لا ينفعكم نصحي.
فإن توالى شرطان بعطف فالجواب لهما معا كقولك: إن تؤمّا وتلمّا تكرما، ومنه قوله تعالى: وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (36) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ (?) انتهى.
فإن قيل: لا منافاة بين هذا الذي قاله في شرح الكافية وبين قوله في التسهيل «استغني بجواب سابقهما» لأن الاستغناء بجواب السابق قد يكون لدلالة الكلام على الحذف من المسبوق وقد يكون لعدم الاحتياج إليه قبل هذا الذي ذكر، محتمل لكن يدفعه أنه قرن بتوالي الشرطين توالي القسم والشرط ثم قال بعد ذكرهما: إنه يستغنى بجواب السابق، ولا شك أن القسم وإن تأخّر لا بد له من تقدير جواب -