. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
«الفاء» اسمية نحو: ما زيد قائم فيحدثنا. فإن هذا الذي ذكره خلاف المشهور، وقد عرفت قول ابن عصفور في تقسيم الجملة المتقدمة «الفاء» إذا كانت منفية وإن كانت اسمية لم يجز فيما بعد «الفاء» إلا النصب على المعنيين المتقدمي الذكر، أو الرفع على القطع.
وبعد فلا بد من التعرّض إلى ذكر أمور:
منها: أن الشيخ قال (?): ولا نعلم خلافا في نصب الفعل جوابا للأمر إلا ما نقل عن العلاء بن سيّابة قالوا: - وهو معلم الفراء - أنه كان لا يجيز ذلك (?)، وهو محجوج بثبوته عن العرب، أنشد سيبويه (?) لأبي النجم:
3868 - يا ناق سيري عنقا فسيحا ... إلى سليمان فنستريحا (?)
إلا أن يتأوله ابن سيّابة على أنه من النصب في الشعر فيكون مثل قوله:
3869 - سأترك منزلي لبني تميم ... وألحق بالحجاز فأستريحا (?)
قال الشيخ (?): ولا [5/ 118] يبعد هذا التأويل، ولمنعه وجه من القياس وهو إجراء الأمر مجرى الواجب، فكما لا يجوز ذلك في الواجب كذلك لا يجوز في الأمر، ومن إجراء الأمر مجرى الواجب باب الاستثناء؛ فإنه لا يجوز فيه البدل كما لا يجوز في الواجب، وذلك بخلاف النفي والنهي فإنه يجوز فيهما ذلك. انتهى.
ولقائل أن يقول للشيخ: يلزمك على ما قررته أن يمتنع النصب بعد الاستفهام والتمني والعرض والتحضيض؛ لأنها لا يجوز معها البدل في الاستثناء كما لا يجوز الأمر وإنما يجوز البدل في الاستثناء مع الاستفهام إذا أريد به الإنكار والنفي، أما إذا أريد به الاستفهام حقيقة فلا يجوز معه البدل، ثم لا يخفى أن النصب إنما وجب بعد «الفاء» الواقعة في جواب الأمر لتعذر عطف الخبر على الطلب فاحتيج إلى تقدير «أن» ليحصل بذلك تأويل يصح معه
العطف، وأما في الاستثناء فإن النصب والبدل إنما يبتنيان على كون الكلام موجبا أو غير موجب فافترق البابان. -