. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فوجب أن يكون الحكم في قراءة من نصب كالحكم في قراءة من جر للعلة التي ذكرتموها لأن أحدا لم يقل بمسح الأرجل إلا من لا يعبأ به ولا يلتفت إليه.
وقد عرف من الذي قررناه أن وَأَرْجُلَكُمْ (?) في قراءة من جر معطوف على منصوب فَاغْسِلُوا وأن الجر فيه إنما هو
بمجاورة المجرور، والذين لا يثبتون التبعية في العطف على الجوار يقولون إن وَأَرْجُلَكُمْ معطوف على بِرُؤُسِكُمْ مع حكمهم بوجوب غسل الأرجل بتأويل أنا ذاكره، وقد أشار إلى شيء من ذلك أبو علي في الحجة (?)، وكان الزمخشري نحا إليه فاقتصرت على كلامه لأنه أمتن من كلام أبي علي، قال رحمه الله تعالى: «قرأ جماعة وَأَرْجُلَكُمْ بالنصب فدل على أن الأرجل مغسولة، فإن قلت ما تصنع بقراءة الجر ودخولها في حكم المسح؟ قلت: الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة مغسولة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهي عنه، فعطفت على الثالث الممسوح لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها وقيل إِلَى الْكَعْبَيْنِ فجيء بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة؛ لأن المسح لم يضرب له غاية في الشريعة» (?) ثم قال: «وذهب بعض الناس إلى ظاهر العطف فأوجب المسح، وعن الحسن أنه جمع بين الأمرين، وعن الشعبي (?): نزل القرآن العزيز بالمسح والغسل سنة» (?) انتهى.
وإذ قد ذكر هذا فلنذكر ما انتظم من كلام المعربين في الآية الشريفة فنقول: قرئ وَأَرْجُلَكُمْ رفعا ونصبا وجرّا. فأما توجيه الرفع فقد تقدم. وأما النصب فقد ذكر أبو البقاء فيه توجيهين كما عرفت:
أحدهما: أنه معطوف على الوجوه والأيدي، والثاني: أنه معطوف على موضع برؤوسكم (?).