. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم قال: فعلوا ذلك؛ لأنّ معنى (سوى) معنى (غير) (?). اه.
قال المصنف: قد صرّح سيبويه بأنّ معنى (سوى) معنى (غير) وذلك يستلزم انتفاء الظرفيّة، كما هي منتفية عن (غير) (?). اه، وفي استلزام كلام سيبويه ما قاله نظر، فإنّه لا يلزم من كون معنى (سوى) معنى (غير) في الاستثناء، أن يكون معناها كمعنى (غير) مطلقا، ثم قال المصنف: الظرف في العرف ما ضمّن معنى (في) من أسماء الزمان، والمكان، و (سوى) ليس كذلك ولا يصحّ كونه ظرفا، ولو سلّم كونه ظرفا لم نسلّم لزوم الظرفيّة، لكثرة الشواهد الدّالة على خلاف ذلك، نثرا ونظما (?). اه. وقال - في شرح الكافية -: (سوى) اسم يستثنى به، ويجر ما يستثنى به، لإضافته إليه، ويعرب هو تقديرا، بما يعرب به (غير) لفظا، خلافا لأكثر البصريّين في ادعاء لزومها النصب على الظرفية، وعدم التّصرّف (?).
وإنمّا اخترت خلاف ما ذهبوا إليه لأمرين:
أحدهما: إجماع أهل اللّغة على أنّ معنى قول القائل: (قاموا سواك) و (قاموا غيرك) واحد، وأنه لا أحد منهم يقول: أنّ (سوى) عبارة عن مكان وزمان، وما لا يدلّ عليهما فبمعزل عن الظرفية.
الثاني: أنّ من حكم بظرفيتها حكم بلزوم ذلك، وأنها لا تنصرف، والواقع في كلام العرب نثرا ونظما خلاف ذلك، فإنّها قد أضيف إليها، وابتدئ بها، وعمل فيها نواسخ الابتداء، وغيرها من العوامل اللفظية، فمن ذلك قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
«سألت ربّي ألّا يسلّط على أمّتي عدوّا من سوى أنفسهم» (?)، وقوله - عليه الصلاة والسّلام -: «ما أنتم فيمن سواكم من الأمم إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثّور -