. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ (?): ما فيهما آلهة إلّا الله، فما كان معناه معنى النّفي جرى في البدل مجراه، وقد ردّ القول بالبدلية بأوجه:

أحدها: أنّه لو كانت (لو) بذلك مستحقة لتفريغ ما يليها من العوامل، لكانت مستحقة بغير ذلك، ممّا يختصّ بحروف النّفي، كزيادة (من) في معمول ما يليها، وإعماله في (أحد)، و (غريب)، ونحوهما، وكنصب جواب مقرون بالفاء.

الثاني: أنّه لا يجري النّفي المعنوي مجرى النفي اللفظيّ، ألا ترى أنّك تقول:

أتى القوم إلّا زيدا، بالنصب، ليس إلّا، ولو كان النفي المعنوي كاللفظيّ لجاز: أتى القوم إلّا زيد، وكان المختار، وههنا أولى؛ لأنّ النفي محقّق، غير مقدّر فيه إثبات، وفي (لو) يقدّر فيما بعدها الإثبات، وإنّما قدّر فيه النّفي لمّا كان الإثبات تقديرا.

الثالث: أنّه لو كان على البدل لكان معناه معنى الاستثناء، ولو كان معناه معنى الاستثناء لجاز: «إلّا الله» بالنصب، ولا يستقيم المعنى؛ لأنّ الاستثناء إذا سكت عنه دخل ما بعده فيما قبله، ألا ترى أنّك لا تقول: جاءني رجال إلّا زيد، فكذلك لا يستقيم: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ، وقد نصّوا على أنّه لا يكون المخرج منه في الاستثناء إلّا مختصّا، وممّا يدل أيضا على أنّه ليس بمعنى الاستثناء أنّه لو كان النصب على الاستثناء، لكان المعنى - إذ ذاك - لو كان فيهما آلهة، ولم يكن الله في تلك الآلهة لفسدتا، وهو غير مستقيم؛ لأنّه يلزم عنه لو كان فيهما آلهة فيها الله لم تفسدا،

وذلك باطل.

قال السيرافي - شارحا لقول سيبويه -: لكنت قد أحلت لأنّه يصير المعنى:

لو كان معنا إلّا زيد لهلكنا؛ لأنّ البدل بعد إلّا في الاستثناء موجب، قال: وكذا لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا، ولو كان على البدل لكان التقدير: لو كان فيهما الله لفسدتا، وهذا فاسد (?). انتهى، وفيه نظر وممّا وقعت فيه (إلّا) مع ما بعدها وصفا بيت ذي الرّمة المتقدّم، وهو من إنشادات سيبويه (?). قال سيبويه كأنّه -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015