يا موسى، من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، ودعا الناس إلى طاعتي، فله صحبتي في الدنيا، وفي القبر، وفي القيامة ظلي.

وقال الإمام أحمد في الزهد: ثنا عبد الرحمن عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: أن موسى عليه السلام، سأل ربه تعالى، فقال: يا رب، أخبرني بأهلك، الذين هم أهلك. الذين تؤوبهم في ظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك.

قال: هم الطاهرة قلوبهم، البريئة أيديهم، الذين يتحابون لجلالي، الذين إذا ذكرت ذكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بهم، الذين يسبغون الوضوء في المكاره، وينيبون إلى ذكري، كما تنيب النسور إلى وكرها، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت، كما يغضب النمر إذا حرب، ويكلفون بحبي، كما يكلف الصبى بحب الناس.

أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء من هذا الطريق.

وأخرجه البيهقي من طريق مالك بن دينار قال: بلغنا أن موسى قال: فذكر نحوه.

ورواه ابن عساكر في تاريخه من طريق ابن المبارك في الزهد: أنا معمر عن رجل من قريش قال: قال موسى: فذكره، وزاد: الذين يعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار.

ثم رواه ابن عساكر بهذه الزيادة من طريق الحسن بن طريق عن إسماعيل بن عياش عن زيد بن أسلم.

وخصلة الإسباغ والمحبة الجلالة وبراءة الأيدي وإعمار المساجد، ورد فيها أحاديث كما سبق.

وفي ذلك دلالة على أن كل خصلة من المذكورات مستقلة بالإظلال، لأن المجموع مقتض لذلك، وقد تقدم نظريه.

والإسناد إلى أبي نعيم: حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن الحسن ثنا محمد بن عمرو المقري ثنا عثمان بن سعيد ثنا محمد بن مهاجر عن ابن حلبس ثنا أبو إدريس عائذ الله الخولاني قال: قال موسى: رب من في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك؟ قال: الذين أذكرهم ويذكروني، ويتحابون لجلالي، فأولئك في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.

قال: يا رب من يسكن حظيرة القدس عندك؟ قال: الذين لا تنظر أعينهم في الزنا، ولا يضعون في أموالهم الربا، ولا يأخذون على أحكامهم الرشا، في قلوبهم الحق، وعلى ألسنتهم الصدق.

وبه إلى أبي نعيم: حدثنا فاروق بن عبد الكبير ثنا عباس الفضل الأسقاطي ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: لما تعجل موسى إلى ربه، رأى رجلا في ظل العرش، فغبطه بمكانه، وقال: إن هذا الكريم على الله.

فسأل ربه أن يخبره باسمه.

فقال: لكن سأنبئك من عمله كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يمشي بالنميمة، ولا يعق والديه.

أخرجه الإمام أحمد في الزهد.

وابن أبي الدنيا في كتاب الحسد وفي كتاب مكارم الأخلاق والأصبهاني في الترغيب.

والخرائطي في مساوىء الأخلاق.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريق عمرو بن ميمون وغيره عن ابن مسعود، فقال: أخبرنا أبو البركات العلوي أنا محمد بن أحمد أنا أحمد بن عبد الله بن الحسن الجغفي أنا محمد بن جعفر الأشجعي ثنا علي منذر الكوفي ثنا محمد بن فضيل ثنا فضيل عن عبد الرحمن بن مروان عن هزيل بن شرحبيل عن ابن مسعود قال: إن موسى لما قربه الله نجيا بطور سيناء، أبصر عبدا جالسا في ظل العرش، سأله: أي رب من هذا؟ قال: هذا عبد لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، بر بالوالدين، لا يمشي بالنميمة.

وأخرجه البيهقي في الشعب من طريق سعيد بن منصور في سننه ثنا ابن جريح ثنا أبو إسحاق عن عمرو عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعجل موسى إلى ربه، فرأى في ظل العرش رجلا، فعجب له، وقال: من هذا يا رب؟ قال: لا أحدثك من هو، ولكن سأخبرك بثلاث فيه: كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يعق والديه، ولا يمشي بالنميمة.

وأخرج ابن أبي الدنيا من مرسل أبي المخارق قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مررت ليلة أسري بي برجل مغيب في نور العرش، قلت: من هذا؟ ملك؟؟ قيل: لا.

قلت: نبي؟؟ قيل: لا.

قلت: من هو؟ قال: هذا رجل كان في الدنيا لسانه رطب من ذكر الله، وقلبه معلق بالمساجد، ولم يستسب لوالديه قط.

وقد حصل من هذه الآثار أربع عشرة خصلة.

وقد نظمتها، فقلت:

وَزِد سَبعَتَينِ الحُبُّ لِلَّهِ بالغاً ... وَتَطهيرُ قَلبٍ والغَضوبُ لأَجلِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015