كحلول المَاء فِي الْجب والدهن فِي القارورة
وَإِذا لم يعقل الْحُلُول إِلَّا مماسة وملاصقة وَكَانَت الْمُجَاورَة والاجتماع من صِفَات الْأَجْسَام وَكَانَت كلمة الله غير جسم لم يجز عَلَيْهَا الِاتِّحَاد والحلول فِي الْأَمَاكِن
وَأما قَول الرّوم إِن الِاتِّحَاد هُوَ أَن يصير الْكثير قَلِيلا والاثنان وَاحِدًا فَإِنَّهُ قَول جَمِيعهم لأَنهم كلهم يَزْعمُونَ أَن الِاتِّحَاد أَن يصير الْكثير قَلِيلا وَالروم توَافق اليعاقبة والنسطورية فِي أَن الِاتِّحَاد لَا يكون إِلَّا بامتزاج واختلاط فَيُقَال لَهُم إِذا لم يجز أَن يحصل الِاتِّحَاد وَأَن يصير الِاثْنَان وَاحِدًا إِلَّا بالاختلاط والامتزاج وَكُنَّا قد بَينا أَن ذَلِك مماسة وملاصقة وَأَنه بِمَنْزِلَة الْحَرَكَة والسكون والظهور والكمون وَأَن هَذِه الْأُمُور أجمع تخْتَص بالأجسام وَلَا تجوز إِلَّا عَلَيْهِمَا لم يَصح الِاتِّحَاد على الْكَلِمَة الْقَدِيمَة وَلَا أَن يصير الِاثْنَان وَاحِدًا أبدا لِأَنَّهُ مُعَلّق بمحال لَا يَصح وَهُوَ مماسة مَا لَيْسَ بجسم وَذَلِكَ مُمْتَنع محَال
وَيُقَال للروم إِذا جَازَ أَن يتحد قديم بمحدث فيصيران وَاحِدًا وَقد كَانَا اثْنَيْنِ قبل الِاتِّحَاد فَمَا أنكرتم أَن يتحد مُحدث بمحدث إِذا خالطه ومازجه فيصيران بذلك وَاحِدًا وَمَا أنكرتم أَن يصير الرطلان والقدحان اللَّذَان أَحدهمَا خمر وَالْآخر مَاء إِذا اختلطا وامتزجا رطلا وَاحِدًا وَقَدحًا وَاحِدًا وَمَا أنكرتم أَيْضا من أَن يصير العرضان إِذا وجدا فِي مَحل وَاحِد عرضا وَاحِدًا جِنْسا وَاحِدًا وَإِن كَانَ أَحدهمَا حَرَكَة وَالْآخر سوادا وَمَا أنكرتم من أَن تتكثر الْقلَّة فَتَصِير الطينة الْوَاحِدَة وَالشَّيْء الْوَاحِد الَّذِي لَا بعض لَهُ وَلَا نصف وَلَا تأليف فِيهِ وَلَا صُورَة لَهُ مائَة ألف شَيْء وَذَا أبعاض وأبعاد وأقطار