وصفين وحروراء والنهروان ولطيف مَا أحتج بِهِ وَأَبَان عَن نَفسه وَفضل رَأْيه وَأَنه على الْوَاضِحَة فِي سَائِر مَا أَتَاهُ مِمَّا أنكروه وَقد بسطنا ذَلِك ضربا من الْبسط فِي كتاب مَنَاقِب الْأَئِمَّة
وببعض هَذِه الْخِصَال وَدون هَذِه الْفَضَائِل يصلح للخلافة وَيسْتَحق الْإِمَامَة فَبَان بِمَا ذَكرْنَاهُ أَنه حقيق بِمَا نظر فِيهِ وتولاه
فَإِن قَالَ قَائِل فَمَا الدَّلِيل مَعَ مَا ذكرْتُمْ من فَضله وجلالة قدره وصلاحه لهَذَا الْأَمر على أَن العقد لَهُ وَقع موقعا صَحِيحا يجب الانقياد لصَاحبه والاقتداء بِهِ قيل لَهُ الدَّلِيل على ذَلِك أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ لما قتل استولى الغافقي وَمن صَار مَعَه من أهل الْفِتْنَة على الْمَدِينَة وهموا بِالْفَتْكِ بِأَهْلِهَا وحلفوا على ذَلِك للصحابة مَتى لم يقدموا النّظر فِي أَمرهم ويعقدوا الْإِمَامَة لرجل مِنْهُم فَأَرَادَ الصَّحَابَة حسم مَادَّة الْفِتْنَة وَعرض هَذَا الْأَمر على عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وَالْتمس مِنْهُ وآثره المصريون فَامْتنعَ عَلَيْهِم وَأعظم قتل عُثْمَان وَأَنْشَأَ يَقُول
(وَلَو أَن قومِي طاوعتني سراتهم ... أَمرتهم أمرا يديخ الأعاديا) وَلزِمَ بَيته
ثمَّ عرض ذَلِك على طَلْحَة وآثره البصريون وأبى ذَلِك وَكَرِهَهُ وَأَنْشَأَ يَقُول
(وَمن عجب الْأَيَّام والدهر أنني ... بقيت وحيدا لَا أَمر وَلَا أحلي) ثمَّ عرض ذَلِك على الزبير فَأبى وَأَنْشَأَ يَقُول
(مَتى أَنْت عَن دَار بفيحان راحل ... وباعثها تخني عَلَيْهِ الْكَتَائِب)