تدخل فِي الْحَرَام على غير إِنْكَار لَهُ وَكَانَ يجب على عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ امْتِنَاعه من قبُول الشَّرْط أَن يَقُول هَذَا حرَام فِي الدّين لَا يحل فعله
وَلَيْسَ لنا أَن نطعن على الصَّحَابَة بِشَيْء نضيفه إِلَيْهِم لَا نجيزه علينا بروايات الْآحَاد فَسقط أَيْضا التَّعَلُّق بِهَذِهِ الرِّوَايَات
وَيُمكن أَيْضا إِن كَانَت هَذِه الرِّوَايَة صَحِيحَة أَلا يكون عبد الرَّحْمَن أَرَادَ بِسنة الشَّيْخَيْنِ اتباعهما على التَّقْلِيد فِي الْأَحْكَام وَإِنَّمَا أَرَادَ السِّيرَة بِالْعَدْلِ والإنصاف وَألا يكون قَالَ ذَلِك أَيْضا على شكّ مِنْهُ فِي أَن عليا سيحكم بالإنصاف وَالْعدْل إِن صَار الْأَمر إِلَيْهِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك على مَذْهَب التَّقْرِير لَهُ والتأكيد والتبرئة لَهُ ليَقَع الرِّضَا من الْجَمَاعَة وتزول الْفِتْنَة ويستميل بذلك قُلُوب السامعين لَهُ فَيكون عبد الرَّحْمَن مصيبا فِي اشْتِرَاطه وَتَقْرِيره وتأكيد الْأَمر وَيكون عَليّ مصيبا فِي الِامْتِنَاع مِنْهُ وَيكون عُثْمَان مصيبا أَيْضا فِي قبُول الِاشْتِرَاط لما علمه من أَن عبد الرَّحْمَن مَا قصد إِلَّا التَّأْكِيد والتقرير وَاشْتِرَاط السِّيرَة بِالْعَدْلِ
وَيدل على ذَلِك ويؤكده علمنَا وَعلم سَائِر النَّاس أَن أَحْكَام أبي بكر وَعمر فِي كثير من الفقهيات مُخْتَلفَة كتوريث الْجد والمفاضلة فِي الْعَطاء من عمر وتسوية أبي بكر بَين النَّاس فِيهِ وَغير ذَلِك وَأَن عُثْمَان لَا يُمكنهُ وَلَا يجوز أَن يحكم بحكميهما الْمُخْتَلِفين فَدلَّ ذَلِك على أَنه إِنَّمَا أَرَادَ اشْتِرَاط السِّيرَة بِالْعَدْلِ والإنصاف
وَقد يُمكن أَيْضا إِن كَانَت هَذِه الرِّوَايَة أَلا يكون عبد الرَّحْمَن اشْترط على عُثْمَان ترك التَّقْلِيد فِي الْأَحْكَام لِأَن سيرة أبي بكر وَعمر ترك التَّقْلِيد فيهمَا وَالنَّهْي عَن ذَلِك
فَذَلِك لم يُقَلّد عمر أَبَا بكر بل خَالفه وَلَا قلد أَبُو بكر عمر فِي شَيْء من مسَائِل الْحَلَال وَالْحرَام وَقد علم أَن من سيرتهما اجْتِهَاد الإِمَام وَترك التَّقْلِيد لغيره فَكيف يَدعُوهُ عبد الرَّحْمَن إِلَى التَّقْلِيد وَترك الِاجْتِهَاد وَهَذَا وَهَذَا ضد سنتهما فَبَان أَنه لم يَدعه إِلَّا إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ وَأَن عليا قدر فِيهِ أَنه دَعَاهُ إِلَى التَّقْلِيد فَأصَاب فِي امْتِنَاعه من قبُول الشَّرْط