وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَيْضا إِجْمَاع الْأمة على أَن لله تَعَالَى أَسمَاء وصفات قبل أَن يخلق خلقه

وَلَو كَانَت أَسمَاء الله وَصِفَاته هِيَ أَقْوَال عباده وتسميتهم وأوصافهم لَهُ لَكَانَ الله تَعَالَى قبل خلقه لِعِبَادِهِ وَخلق كَلَامهم غير مُسَمّى وَلَا مَوْصُوف وَلَا ذِي اسْم

وَفِي منع الْأمة لذَلِك دَلِيل على أَن الْوَصْف وَالتَّسْمِيَة غير الِاسْم وَالصّفة الَّتِي يكون الْمَوْصُوف الْمُسَمّى بهَا مُسَمّى مَوْصُوفا

وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَيْضا إِطْلَاق أهل اللُّغَة أَن المصادر هِيَ أَسمَاء الْأَفْعَال وَالصِّفَات وَأَنَّهَا عَن الْأَفْعَال صدرت

وَالْأَفْعَال الَّتِي أرادوها هِيَ الْأَحْدَاث الْمَاضِيَة والمستقبلة والكائنة فِي الْحَال الَّتِي يعبر عَنْهَا بالْقَوْل ضرب يضْرب

والمصادر إِنَّمَا صدرت عَن هَذِه الْأَفْعَال لَا عَن قَول الْقَائِل وإخبار الْمخبر

ويوضح هَذَا أَن قَائِلا لَو قَالَ فِيمَن لَا حَرَكَة لَهُ وَلَا علم وَلَا قدرَة وَلَا ضرب إِنَّه متحرك عَالم قَادر ضَارب لَكَانَ فِي هَذَا الْوَصْف كَاذِبًا

وَإِنَّمَا صَار كَاذِبًا لِأَنَّهُ لم يشتق هَذِه التَّسْمِيَة من وجود الْأَفْعَال وَالصِّفَات الَّتِي تصدر هَذِه الْأَسْمَاء عَنْهَا وتوجد مِنْهَا

وَلَو تقدم وجودهَا لكَانَتْ الْأَوْصَاف حَقًا وصدقا

وَهَذَا يكْشف عَن وجوب تقدم الْأَفْعَال وَالصِّفَات الَّتِي تصدر التسميات والأوصاف عَنْهَا لوُجُود التَّسْمِيَة وَالْوَصْف

فَكيف يكون الصّفة وَالِاسْم هما القَوْل الَّذِي من سَبيله أَن لَا يجْرِي وَيسْتَحق إِلَّا بعد تقدم الِاسْم وَالصّفة وَالْفِعْل وَإِذا كَانَ ذَلِك محالا دلّ مَا قُلْنَاهُ على أَن الِاسْم وَالصّفة غير تَسْمِيَة المسمي وَوصف الواصف

وَهَذَا وَاضح من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015