إِحَالَة نَهْيه عَن نفس مَا أَمر بِهِ إِحَالَة نَهْيه عَن مثله بعد فعله لِأَن مثله الَّذِي من سَبيله أَن يَقع بعده هُوَ غَيره وَالنَّهْي عَن غير الشَّيْء فِي غير وقته لَا يكون نهيا عَنهُ فِي وقته وَلَا جَوَاب لَهُم عَن ذَلِك

وَهَذَا الْجَواب هُوَ جوابهم على اعتلالهم فِي هَذَا الْبَاب أَن الْأَمر بالشَّيْء يَقْتَضِي كَونه طَاعَة وَالنَّهْي عَنهُ يَقْتَضِي كَونه إِذا فعل مَعْصِيّة وَالطَّاعَة لَا يجوز أَن تكون مَعْصِيّة لِأَن مثل الشَّيْء إِذا نهي عَنهُ بعد فعله فَلَيْسَ بنهي عَنهُ فَلم تصر الطَّاعَة مَعْصِيّة وَهُوَ بِعَيْنِه الْجَواب عَن اعتلالهم بِأَن نسخ الشَّرِيعَة بعد الْأَمر بهَا يُوجب كَون الْحسن قبيحا وَالْحكمَة سفها لِأَن الْأَمر بالشَّيْء يَقْتَضِي كَونه حِكْمَة حسنا صَوَابا وَالنَّهْي عَنهُ يَقْتَضِي كَونه قبيحا عَبَثا وَلَا يجوز أَن يكون الْحسن قبيحا لِأَن النَّهْي عَن مثل الْحسن الْمَأْمُور بِهِ نهي عَن غَيره وَلَيْسَ يمْتَنع أَن يكون مثل الصّلاح فِي وَقت فَسَادًا فِي وَقت آخر وَمثل الطَّاعَة فِي وَقت مَعْصِيّة فِي وَقت آخر وَمثل الْحسن فِي وَقت قبيحا فِي غَيره

أَلا ترى أَن الْأكل وَالشرب والعلاج بالكي طَاعَة حسن صَوَاب مصلحَة عِنْد الْعَطش والجوع وحدوث الْأَمْرَاض الْمُقْتَضِيَة للعلاج وَفعل ذَلِك أجمع عِنْد الشِّبَع والري وَالصِّحَّة والغنى عَن التَّدَاوِي قَبِيح وسفه ومعصية لله عز وَجل فَلَيْسَ يمْتَنع عِنْد جَمِيع الْعُقَلَاء أَن تكون هَذِه الْعِبَادَات السمعية نَحْو الصَّوْم وَالصَّلَاة والتوجه إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَترك الْعَمَل فِي السبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015