وأكده فَبَان الْفرق بَين الْأَمريْنِ
وَالْأَمر الثَّالِث أَن الله تَعَالَى عندنَا وعندكم لَا يبطل الْحجَج بَعْضهَا بِبَعْض وَلَا يقلب الْعُلُوم وَلَا يُغير حقائق الْأُمُور فَلَو كَانَ مُوسَى قد وقفكم على منع نسخ شَرِيعَته توقيفا اضطركم بِهِ إِلَى مُرَاده وَنفي وُجُوه سَائِر الِاحْتِمَال عَنهُ لَكَانَ لَا يخبر بذلك إِلَّا عَن الله سُبْحَانَهُ وَلَو أمره الله بذلك وَوَقفه عَلَيْهِ وألزمه تَوْقِيف خلقه عَلَيْهِ وإعلامهم إِيَّاه لم يجز أَن يظْهر المعجزات على يَد من يَدْعُو إِلَى نسخهَا وتبديلها وَفِي ثُبُوت نقل الْمُسلمين لِلْقُرْآنِ وَغَيره من الْأَعْلَام وَثُبُوت الإعجاز فِيمَا نقلوه عَن نَبِيّهم بالأدلة الَّتِي نقلناها وَالنَّقْل الَّذِي يحجّ مثله دَلِيل على كذب مدعي تَوْقِيف مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام على مَا قُلْتُمْ فَهَذِهِ فروق بَين الدعوتين توضح صِحَة مَا قُلْنَاهُ وَبطلَان مَا ادعيتم
فَإِن قَالَ مِنْهُم قَائِل قد كذب الْمُسلمُونَ فِي نقل أَعْلَام مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام قيل لَهُم وَقد كذبت الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَيْضا فِي نقل أَعْلَام مُوسَى وكذبت نقلة الْأَمْصَار وكل طَرِيق تثبتون بِهِ أَعْلَام مُوسَى فبه وَبِمَا هُوَ أقوى مِنْهُ تثبت أَعْلَام مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد بَينا ذَلِك فِيمَا سلف بِمَا يُغني عَن رده
فَإِن قَالَ مِنْهُم قَائِل لسنا نعلم ضَرُورَة وَلَا غير ضَرُورَة أَن