فَإِن قَالَ قَائِل من أهل الْملَل وَغَيرهم من أَيْن يعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحدى الْعَرَب أَن تَأتي بِمثلِهِ وطالبهم بذلك قيل لَهُم يعلم ذَلِك اضطرارا من دينه وَقَوله كَمَا نعلم وجوده وظهوره وكما نعلم وجود الْقُرْآن نَفسه اضطرارا هَذَا على أَنه فِي نَص التِّلَاوَة نَحْو قَوْله {فَأتوا بِسُورَة من مثله} و {قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ على أَن يَأْتُوا بِمثل هَذَا الْقُرْآن لَا يأْتونَ بِمثلِهِ} وَهَذَا غَايَة التحدي والتقريع وَقد وصل قَوْله {فَأتوا بِسُورَة من مثله} بقوله {وَادعوا شهداءكم من دون الله} فَلَا مُتَعَلق لأحد فِي هَذَا الْبَاب
ويقلب السُّؤَال على من سَأَلَ عَنهُ من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس المدعين لنبوة زرادشت فَيُقَال لَهُم من أَيْن علمْتُم أَن مُوسَى وَعِيسَى وزرادشت تحدوا قَومهمْ بِمثل شَيْء مِمَّا أَتَوا بِهِ وَمَا أنكرتم أَن يكون ذَلِك قد ظهر من غير احتجاج مِنْهُم وَلَا تحد إِلَى مثله فَكل شَيْء تعلقوا بِهِ فَهُوَ جَوَابنَا عَمَّا سَأَلُوا عَنهُ
فَإِن قَالُوا كَيفَ تبطلون حجَّة من أَتَى بِكَلَام منظوم وَزعم أَنه مثل الْقُرْآن