على زعمكم عَن الْحِكْمَة وَلَا فرق بَين النَّاس فِي ذَلِك وَبَين كل حَيَوَان يلذ ويألم
وَيُقَال لَهُم مَا أنكرتم من أَن لَا يحصل أَيْضا لبني آدم علم مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَاب بالتجربة على أجسام الْحَيَوَان سوى الْإِنْسَان وَذَلِكَ أَن الْحَيَوَان مُخْتَلف الطباع والأغذية والأدوية وَأَن مِنْهُ مَا يعالج مَرضه بِمَا لَو عولج بِهِ الْإِنْسَان لتلف وَمِنْه مَا يغتذي بِمَا لَو اغتذى بِهِ الْإِنْسَان أَو أكل يسيره لتلف كالوعل الَّذِي يَأْكُل الْحَيَّات والظبي الَّذِي يرْعَى الحنظل والوحش الَّذِي لَا يعْمل فِي جسده شَيْء من خشَاش الأَرْض وكالنعم الَّذِي يقتات التِّبْن والقت والسمك الَّتِي ترعى الطين وَغَيره وَلَو أكل الْإِنْسَان بعض هَذِه الْأَشْيَاء لَأَدَّى إِلَى تلفه فَمن أَيْن لِابْنِ آدم بِالْحَيَوَانِ الَّذِي طبعه فِي التَّسْوِيَة مثل طبعه وغذاؤه مثل غذائه ودواؤه مثل دوائه مَعَ اخْتِلَاف طبائعه وتباين تركيبه وشهواته ونفوره فَلَا يَجدونَ إِلَى دفع ذَلِك سَبِيلا
ثمَّ يُقَال لَهُم أَلَيْسَ قد تجرب الحشيشة على جسم بعض الْحَيَوَان فتولد حمى فِي كبده أَو ورما فِي طحاله أَو تقطعا فِي أمعائه وَغير ذَلِك من الأدواء الَّتِي يعظم شَأْنهَا وَيخَاف التّلف بهَا فَلَا يعلم مَا ولدت تِلْكَ الحشيشة وَالثَّمَرَة لِأَنَّهُ لَيْسَ بناطق يذكر مَا يجده ويخبر بِسَبَبِهِ فَمَا يؤمننا أَن يتَنَاوَل من ذَلِك شَيْئا فيولد مَرضا مثل الَّذِي وَلَده فِي جسم الْحَيَوَان فَلَا يقدرُونَ على دفع ذَلِك بِحجَّة
وَكَذَلِكَ يُقَال لَهُم أَلَيْسَ من السمُوم مَا