قال الله تبارك وتعالى - وهو أصدق القائلين -: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}.
أعلم أن الفاعل من حدث منه فعل، والمفعول من وقع عليه فعل فاعل.
والفاعل حكمه الرفع؛ لأنه أول، فأعطي الأول للأول، والمفعول حكمه النصب؛ لأنه آخر، فأعطي الآخر للآخر.
ثم الفاعل واحد، ومفعولاته متعددة.
فنظر القوم إلى المفعولات كلها، فعلموا أن لابد لها من فاعل.
ثم الفاعل لا ينبغي له أن يكون إلا واحداً؛ إذ لو كان اثنين لاختلفا، قال الله تبارك وتعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}.
ثم المفعولات كلها منتصبة في مناصبها التي نصبها فاعلها فيها، مستعملة بعامل: كل ميسر لما خلف له.
فما دام المفعول به في رتبته: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ}،