والأبنية القائمة على بعض الموتى أكثر من احترامه للأموات أنفسهم فإنه لو وقف في طيق التنظيم المزعوم بعض هذه الأبنية من القباب أو الكنائس أو نحوها تركتها على حالها وعدلت من أجلها خارطة التنظيم إبقاء عليها لأنهم يعتبرونها من الآثار القديمة وأما قبور الموتى أنفسهم فلا تستحق عندهم ذلك التعديل بل إن بعض تلك الحكومات لتسعى - فيما علمنا - إلى جعل القبور خارج البلدة والمنع من الدفن في القبور القديمة وهذه مخالفة أخرى في نظري لأنها تفوت على المسلمين سنة زيارة القبور لأنه ليس من السهل على عامة الناس أن يقطع المسافات الطويلة حتى يتمكن من الوصول إليها ويقوم بزيارتها والدعاء لها.
والحامل على هذه المخالفات - فيما أعتقد - إنما هو التقليد الأعمى لأوروبا المادية الكافرة التي تريد أن تقضي على كل مظهر من مظاهر الإيمان بالآخرة وكل ما يذكر بها وليس هو مراعاة القواعد الصحية كما يزعمون ولو كان ذلك صحيحا لبادروا إلى محاربة الأسباب التي لا يشك عاقل في ضررها مثل بيع الخمور وشربها والفسق والفجور على اختلاف أشكاله وأسمائه فعدم اهتمامهم بالقضاء على هذه المفاسد الظاهرة وسعيهم إلى إزالة كل ما يذكر بالآخرة وإبعادها عن أعينهم أكبر دليل على أن القصد خلاف ما يزعمون ويعلنون وما تكنه صدورهم أكبر.
2 - أنه لا حرمة لعظام غير المؤمنين لإضافة العظم إلى المؤمن في قوله:
عظم المؤمن. فأفاد أن عظم الكافر ليس كذلك وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ في الفتح بقوله:
يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته1.
ومن ذلك يعرف الجواب عن السؤال الذي يتردد على ألسنة كثير من الطلاب في كليات الطب وهو: هل يجوز كسر العظام لفحصها وإجراء التحريات الطبية فيها؟