الثالث: ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من أهل أبيات جيرانه الأدنيين أنهم لا يعلمون منه إلا خيرا إلا قال الله تبارك وتعالى: قد قبلت قولكم أو قال: بشهادتكم وغفرت له ما لا تعلمون.
واعلم أن مجموع هذه الأحاديث الثلاثة يدل على أن هذه الشهادة لا تختص بالصحابة بل هي أيضا لمن بعدهم من المؤمنين الذين هم على طريقتهم في الإيمان والعلم والصدق وبهذا جزم الحافظ ابن حجر في الفتح فليراجع كلامه من شاء المزيد من البيان.
ثم إن تقييد الشهادة بأربع في الحديث الثالث الظاهر أنه كان قبل حديث عمر الذي قبله ففيه الاكتفاء بشهادة اثنين وهو العمدة.
هذا وأما قول بعض الناس عقب صلاة الجنازة: ما تشهدون فيه؟ اشهدوا له بالخير فيجيبونه بقولهم صالح. أو من أهل الخير ونحو ذلك فليس هو المراد بالحديث قطعا بل هو بدعة قبيحة لأنه لم يكن من عمل السلف ولأن الذين يشهدون بذلك لا يعرفون الميت في الغالب بل قد يشهدون بخلاف ما يعرفون استجابة لرغبة طالب الشهادة بالخير ظنا منهم أن ذلك ينفع الميت وجهلا منهم بأن الشهادة النافعة إنما هي التي توافق الواقع في نفس المشهود له كما يدل على ذلك قوله في الحديث: إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر