أُمُورٍ سَمِجَةٍ قَالَ وَمِنْ قَوْلِ زَرَادَشْتَ كَانَ اللَّهُ وَحْدَهُ فَلَمَّا طَالَتْ وِحْدَتُهُ فَكَّرَ فَتَوَّلَدَ مِنْ فِكْرَتِهِ إِبْلِيسَ فَلَمَّا مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَرَادَ قَتْلَهُ امْتَنَعَ مِنْهُ فَلَمَّا رَأَى امْتَنَاعَهُ وَدَّعَهُ إِلَى مُدَّةٍ.
قَالَ الشُّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ بَنَى عَابِدُوا النَّارِ لَهَا بُيُوتًا كَثِيرَةً فَأَوَّلُ مَنْ رَسَمَ لَهَا بَيْتًا أَفْرِيدُونُ فَاتَّخَذَ لَهَا بَيْتًا بِطَرْطُوسَ وَآخَرَ بِبُخَارَى وَاتَّخَذَ لَهَا بهمن بَيْتًا بِسَجِسْتَانَ وَاتَّخَذَ لَهَا أَبُو قُبَاذٍ بَيْتًا بِنَاحِيَةِ بُخَارَى وَبُنِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ لَهَا وَقَدْ كَانَ زَرَادَشْتُ وَضَعَ نَارًا زَعَمَ أَنَّهَا جَاءَتْ مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَهُمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ بَنَى بَيْتًا وجعل فيوسطه مِرْآةً وَلَفَّ الْقُرْبَانَ فِي حَطَبٍ وَطَرَحَ عَلَيْهِ الْكِبْرِيتَ فَلَمَّا اسْتَوَتِ الشُّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ قَابَلَتْ كُوَّةَ قَدْ جَعَلَهَا فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ فَدَخَلَ شُعَاعُ الشَّمْسِ فَوَقَعَ عَلَى الْمِرْآةِ فَانْعَكَسَ عَلَى الْحَطَبِ فَوَقَعَتْ فِيهِ النَّارُ فَقَالَ لا تطفؤا هَذِهِ النَّارَ.
فَصْلٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ حَسَّنَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ لأقوام عبادة القمر ولآخرين عِبَادَةَ النُّجُومِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَكَانَ قَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبَدُوا الشعري العبور وَفُتِنُوا بِهَا وَكَانَ أَبُو كَبْشَةَ الَّذِي كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَنْسِبُونَ إِلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَنْ عَبَدَهَا وَقَالَ قَطَعَتِ السَّمَاءَ عَرْضًا وَلَمْ يَقْطَعِ السَّمَاءَ عَرْضًا غَيْرُهَا وَعَبَدَهَا وَخَالَفَ قُرَيْشًا فَلَمَّا بُعِثَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَتَرْكِ الأَوْثَانِ قَالُوا هَذَا ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ أَيْ شَبْهَهُ وَمِثْلَهُ فِي الْخِلافِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمَرْيَمَ يَا أُخْتَ هَارُونَ أَيْ يَا شَبِيهَةَ هَارُونَ فِي الصَّلاحِ وَهُمَا شَعْرَيَانِ إِحْدَاهُمَا هَذِهِ وَالشَّعْرَى الأُخْرَى هِيَ الْغُمَيْصَاءُ وَهِيَ تُقَابِلُهَا وَبَيْنَهَا الْمَجَرَّةُ وَالْغُمَيْصَاءُ فِي الذِّرَاعِ الْمَبْسُوطِ فِي جَبْهَةِ الأَسَدِ وَتِلْكَ فِي الْجَوْزَاءِ.
وَزَيَّنَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ لآخَرِينَ عِبَادَةَ الْمَلائِكَةِ وَقَالُوا هِيَ بَنَاتُ اللَّهِ تَعَالَى تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَزَيَّنَ لآخَرِينَ عِبَادَةَ الْخَيْلِ وَالْبَقَرِ وَكَانَ السَّامِرِيُّ مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ فَلِهَذَا صَاغَ عِجْلا وَجَاءَ فِي التَّعْبِيرِ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَعْبُدُ تَيْسًا وَلَيْسَ فِي هَؤُلاءِ مَنْ أَعْمَلَ فِكْرَهُ وَلا اسْتَعْمَلَ عَقْلَهُ فِي تَدْبِيرِ مَا يَفْعَلُ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلامَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.