المفهوم المشاهد ثم قد أَخْبَرَنَا نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الأجسام تنبت فِي القبور قبل البعث وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّارُ نا أَبُو مُحَمَّد الْجَوْهَرِيّ نا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزَّيَّاتِ ثنا قَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُطَرِّزُ ثنا أَبُو كُرَيْبٍ ثنا أَبُو مُعَاوِيَة عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ1 قَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ قَالُوا أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ أَبَيْتُ قَالُوا أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ قَالَ ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مَاءً مِنَ السَّمَاءِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ قَالَ وَلَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلا يَبْلَى إِلا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجَبُ2 الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" أخرجاه في الصحيحين.
فصل: وقد لبس إبليس عَلَى أقوام من أهل ملتنا فدخل عليهم من باب قوة ذكائهم وفطنتهم فأراهم أن الصواب اتباع الفلاسفة لكونهم حكماء قد صدرت منهم أفعال وأقوال دلت عَلَى نهاية الذكاء وكمال الفطنة كَمَا ينقل من حكمة سقراط وأبقراط وأفلاطون وأرسطاطا ليس وجالينوس وهؤلاء كانت لهم علوم هندسية ومنطقية وطبيعية واستخرجوا بفطنهم أمور خفية إلا أنهم لما تكلموا فِي الالهيات خلطوا ولذلك اختلفوا فيها ولم يختلفوا فِي الحسيات والهندسيات وَقَدْ ذكرنا جنس تخليطهم فِي معتقداتهم وسبب تخليطهم أن قوى البشر لا تدرك العلوم إلا جملة والرجوع فيها إِلَى الشرائع وَقَدْ حكى لهؤلاء المتأخرين فِي أمتنا أن أولئك الحكماء كانوا ينكرون الصانع ويدفعون الشرائع ويعتقدونها نواميس وحيلا فصدقوا فيما حكي لهم عنهم ورفضوا شعار الدين وأهملوا الصلوات ولابسوا المحذورات واستهانوا بحدود الشرع وخلعوا ربقة الإسلام فاليهود والنصارى أعذر منهم لكونهم متمسكين بشرائع دلت عليها معجزات والمبتدعة فِي الدين أعذر منهم لأنهم يدعون النظر فِي الأدلة وهؤلاء لا مستند لكفرهم إلا علمهم بأن الفلاسفة كانوا حكماء أتراهم مَا علموا أن الأنبياء كانوا حكماء وزيادة وما قد حكى لهؤلاء الفلاسفة من جحد الصانع محال فَإِن أكثر القوم يثبتون الصانع ولا ينكرون النبوات وإنما أهملوا النظر فيها وشذ منهم قليل فتبعوا الدهرية الذين فسدت أفهامهم بالمرة وَقَدْ رأينا من المتفلسفة من أمتنا جماعة لم يكسبهم التفلسف إلا التحير فلا هم يعملون بمقتضاه ولا بمقتضى