تلبيس ابليس (صفحة 411)

خارجة عَنِ الإجماع وقد روى أَبُو هريرة عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "ليأتين عَلَى الناس زمان لا يبالي المرء من أين أخذ المال من حلال أَوْ حرام" والثاني من جهة البخل بِهَا فمنهم من لا يخرج الزكاة أصلا إنكالا عَلَى العفو ومنهم من يخرج بعضا ثم يغلبه البخل فينظر أن المخرج يدفع عنه ومنهم من يحتال لإسقاطها مثل أن يهب المال قبل الحول ثم يسترده ومنهم من يحتال بإعطاء الفقير ثوبا يقومه عَلَيْهِ بعشرة دنانير وَهُوَ يساوي دينارين ويظن ذلك الجهل أنه قد تخلص ومنهم من يخرج الردىء مكان الجيد ومنهم من يعطي الزكاة لمن يستخدمه طول السنة فهي عَلَى الحقيقة أجره ومنهم من يخرج الزكاة كَمَا ينبغي فيقول لَهُ إبليس مَا بقي عليك فيمنعه أن يتنفل بصدقة حبا للمال فيقوته أجر المتصدقين ويكون المال رزق غيره.

وبإسناد عَنِ الضحاك عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ أَوَّلُ مَا ضُرِبَ الدِّرْهَمُ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ فَقَبَّلَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ وَسُرَّتِهِ وَقَالَ بِكَ أَطْغَى وَبِكَ أَكْفُرُ رَضِيتُ مِنَ ابْنِ آدَمَ بِحُبِّهِ الدِّينَارَ مِنْ أَنْ يَعْبُدَنِي وعن الأعمش عَنْ شقيق عَنْ عَبْد اللَّهِ قَالَ إن الشَّيْطَان يرد الإنسان بكل ريدة فَإِذَا أعياه اضطجع فِي ماله فيمنعه أن ينفق مِنْهُ شيئا والثالث من حيث التكثير بالأموال فَإِن الغني يرى نفسه خيرا من الفقير وهذا جهل لأن الفضل بفضائل النفس اللازمة لها لا تجمع حجارة خارجة عنها كَمَا قَالَ الشاعر:

غنى النفس لمن يعقل ... خير من غنى المال

وفضل النفس فِي الأنفس ... وليس الفضل فِي الحال

والرابع فِي إنفاقها فمنهم من ينفقها عَلَى وجه التبذير والإسراف تارة فِي البنيان الزائد عَلَى مقدار الحاجة وتزويق الحيطان وزخرفة البيوت وعمل الصور وتارة فِي اللباس الخارج بصاحبه إِلَى الكبر والخيلاء وتارة فِي المطاعم الخارجة إِلَى السرف وهذه الأفعال لا يسلم صاحبها من فعل محرم أَوْ مكروه وهو مسؤول عَنْ جميع ذلك.

وبإسناد عَنْ أنس بْن مالك قَالَ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا أبن آدم لا تَزُولُ قَدَمَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى تُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عُمْرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ وَجَسَدِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ وَمَالِكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَأَيْنَ أَنْفَقْتَهُ"؟ ومنهم من ينفق فِي بناء المساجد والقناطر إلا أنه يقصد الرياء والسمعة وبقاء الذكر فيكتب اسمه عَلَى مَا بنى ولو كان عمله لله عز وجل لأكتفى بعلمه سبحانه وتعالى ولو كلف أن يبني حائطا من غير أن يكتب أسمه عَلَيْهِ لم يفعل ومن هَذَا الجنس إخراجهم الشمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015