قَالَ الشيخ هؤلاء قوم ينسبون إِلَى رجل يقال لَهُ سوفسطا زعموا أن الأشياء لا حقيقة لها وأن مَا يستبعده يجوز أن يكون عَلَى مَا نشاهده ويجوز أن يكون عَلَى غير مَا نشاهده وَقَدْ أورد العلماء عليهم بأن قالوا لمقالتكم هذه حقيقة أم لا فَإِن قلتم لا حقيقة لها وجوزتم عليها البطلان فكيف يجوز أن تدعوا إِلَى مَا لا حقيقة لَهُ فكأنكم تقرون بهذا القول أنه لا يحل قبول قولكم وإن قلتم لها حقيقة فقد تركتم مذهبكم وقد ذكر مذهب هؤلاء أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن مُوسَى النوبختي فِي كتاب الآراء والديانات فَقَالَ رأيت كثيرا من المتكلمين قد غلطوا فِي أمر هؤلاء غلطا بينا لأنهم ناظروهم وجادلوهم وراموا بالحجاج والمناظرة الرد عليهم وهم لم يثبتوا حقيقة ولا أقروا بمشاهدة فكيف تكلم من يَقُول لا أدري أيكلمني أم لا وَكَيْفَ تناظر من يزعم أنه لا يدري أموجود هو أم معدوم وَكَيْفَ تخاطب من يدعي أن المخاطبة بمنزلة السكوت فِي الإبانة وأن الصحيح بمنزلة الفاسد قَالَ ثم إِنَّهُ إنما يناظر من يقر بضرورة أَوْ يعترف بأمر فيجعل مَا يقر سببا إِلَى تصحيح مَا يجحده فأما من لا يقر بذلك فمجادلته مطروحة قَالَ الشيخ وَقَدْ رد هَذَا الكلام أَبُو الوفاء بْن عقيل فَقَالَ إن أقواما قالوا كيف نكلم هؤلاء وغاية مَا يمكن المجادلة أن يقرب المعقول إِلَى المحسوس ويستشهد بالشاهد فيستدل به عَلَى الغائب وهؤلاء لا يقولون بالمحسوسات فبم يكلمون قَالَ وهذا كلام ضيق العطن ولا ينبغي أن