...
الباب العاشر: فِي ذكر تلبيسه عَلَى الصوفية من جملة الزهاد
قال المصنف الصوفية: من جملة الزهاد وَقَدْ ذكرنا تلبيس إبليس عَلَى الزهاد إلا أن الصوفية أنفردوا عَن الزهاد بصفات وأحوال وتوسموا بسمات فاحتجنا إِلَى إفرادهم بالذكر والتصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي ثم ترخص المنتسبون إليها بالسماع والرقص فمال اليهم طلاب الآخرة من العوام لما يظهرونه من التزهد ومال اليهم طلاب الدنيا لما يرون عندهم من الراحة واللعب فلا بد من كشف تلبيس إبليس عليهم فِي طريقة القوم ولا ينكشف ذلك إلا بكشف أصل هذه الطريقة وفروعها وشرح أمورها وَاللَّه الموفق للصواب.
فصل: قال المصنف: كانت النسبة فِي زمن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الإيمان والإسلام فيقال مسلم ومؤمن ثم حدث اسم زاهد وعابد ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد فتخلوا عَن الدنيا وانقطعوا إِلَى العبادة واتخذوا فِي ذلك طريقة تفردوا بِهَا وأخلاقا تخلقوا بِهَا ورأوا أن أول من انفرد به بخدمة اللَّه سبحانه وتعالى عند بيته الحرام رجل يقال لَهُ صوفة واسمه الغوث بْن مر فانتسبوا إليه لمشابهتهم إياه فِي الانقطاع إِلَى اللَّه سبحانه وتعالى فسموا بالصوفية أنبأنا مُحَمَّد بْن ناصر عَنْ أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الحبال قَالَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الغني بْن سَعِيد الْحَافِظ قَالَ سألت وليد بْن القاسم إِلَى أي شيء ينسب الصوفي فَقَالَ كان قوم فِي الجاهلية يقال لهم صوفة انقطعوا إِلَى اللَّه عز وجل وقطنوا الكعبة فمن تشبه بهم فهم الصوفية قَالَ عَبْد الغني فهؤلاء المعروفون بصوفة ولد الغوث بْن مر بْن أخي تميم بْن مر وبالإسناد إِلَى الزبير بْن بكار قَالَ كانت الإجازة بالحج للناس من عرفة إِلَى الغوث بْن مر بْن أد بْن طابخة ثم كانت فِي ولده وكان يقال لهم صوفة وكان إذا حانت الإجازة قالت العرب أجز صوفة قَالَ الزبير قَالَ أَبُو عبيدة وصوفة وصوفان يقال لكل من ولي من البيت شيئا من غير أهله أَوْ قَامَ بشيء من أمر المناسك يقال لهم صوفة وصوفان قَالَ الزبير حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الأثرم عَنْ هشام بْن مُحَمَّد بْن السائب