فصل وقد لبس إبليس عَلَى المجاهد إذا غنم فربما أخذ من الغنيمة مَا ليس لَهُ أخذه فأما أن يكون قليل العلم فيرى أن أموال الكفار مباحة لمن أخذها ولا يدري أن الغلول من الغنائم معصية وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قَالَ خرجنا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خيبر ففتح اللَّه علينا فلم نغنم ذهبا ولا ورقا غنمنا المتاع والطعام والثياب ثم انطلقنا إِلَى الوادي ومع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد لَهُ فلما نزلنا قَامَ عَبْد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحل رحله فرمى بسهم فكان فيه حتفه فلما قلنا لَهُ هنيئا لَهُ الشهادة يا رَسُول اللَّهِ فَقَالَ: "كلا والذي نفس مُحَمَّد بيده أن الشملة لتلتهب عَلَيْهِ نارا أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم" قَالَ ففزع الناس فجاء رجل بشراك أَوْ شراكين فَقَالَ أصبته يوم خيبر فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شراك من نار أَوْ شرا كان من نار".
فصل: وقد يكون الغازي عالما بالتحريم إلا أنه يرى الشيء الكثير فلا يصبر عنه وربما ظن أن جهاده يدفع عنه مَا فعل وها هنا يتبين أثر الإيمان والعلم روينا بإسناد عَنْ هبيرة بْن الأشعث عَنْ أبي عبيدة العنبري قَالَ لما هبط المسلمون المداين وجمعوا الأقباض أقبل رجل بحق معه فدفعه إِلَى صاحب الأقباض فَقَالَ الذين معه مَا رأينا مثل هَذَا قط مَا يعدله مَا عندنا ولا مَا يقاربه فَقَالَ لَهُ هل أخذت مِنْهُ شيئا فَقَالَ أما وَاللَّه لولا اللَّه مَا أتيتكم به فعرفوا أن للرجل شأنا فقالوا من أنت فَقَالَ وَاللَّه لا أخبركم لتحمدوني ولا أغريكم لتقرظوني ولكني أَحْمَد اللَّه وأرضى بثوابه فاتبعوه رجلا حتى انتهى إِلَى أصحابه فسأل عنه فَإِذَا هو عامر بْن عَبْدِ قيس.