قال المصنف: اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل مِنْهُ إبليس عَلَى الناس هو الجهل فهو يدخل مِنْهُ عَلَى الجهال بأمان وأما العالم فلا يدخل عَلَيْهِ إلا مسارقة وَقَدْ لبس إبليس عَلَى كثير من المتعبدين بقلة علمهم لأن جمهورهم يشتغل بالتعبد ولم يحكم العلم وَقَدْ قَالَ الربيع بْن حيثم تفقه ثم اعتزل.
فأول تلبيسه عليهم إيثارهم التعبد عَلَى العلم والعلم أفضل من النوافل فأراهم أن المقصود من العلم العمل وما فهموا من العمل إلا عمل الجوارح وما علموا أن العمل عمل القلب وعمل القلب أفضل من عمل الجوارح قَالَ مطرف بْن عَبْدِ اللَّهِ فضل العلم خير من فضل العبادة وقال يوسف بْن أسباط باب من العلم تتعلمه أفضل من سبعين غزاة وقال المعافى بْن عمران كتابة حديث واحد أحب إلي من صلاة ليلة.
قَالَ المصنف: فلما مر عليهم هَذَا التلبيس وآثروا التعبد بالجوارح عَلَى العلم تمكن إبليس من التلبيس عليهم فِي فنون التعبد.
ذكر تلبيسه عليهم فِي الاستطابة والحدث
من ذلك أنه يأمرهم بطول المكث فِي الخلاء وذلك يؤذي الكبد وإنما ينبغي أن يكون بمقدار ومنهم من يقوم فيمشي ويتنحنح ويرفع قدما ويحط أخرى وعنده أنه يستنقي بهذا وكلما زاد فِي هَذَا نزل البول وبيان هَذَا أن الماء يرشح إِلَى المثانة ويجمع فيها فَإِذَا تهيأ الانسان للبول خرج مَا اجتمع فَإِذَا مشى وتنحنح وتوقف رشح شيء آخر فالرشح لا ينقطع وإنما يكفيه أن يحتلب مَا فِي الذكر بين أصبعيه ثم يتبعه الماء ومنهم من يحسن لَهُ استعمال الماء الكثير وإنما يجزيه بعد زوال