ومن ذلك إيثارهم للقياس عَلَى الحديث المستدل به فِي المسألة ليتسع لهم المجال فِي النظر وان استدل أحد منهم بالحديث هجن ومن الأدب تقديم الاستدلال بالحديث ومن ذلك أنهم جعلوا النظر جل اشتغالهم ولم يمزجوه بما يرقق القلوب من قراءة القرآن وسماعالحديث وسيرة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه ومعلوم أن القلوب لا تخشع بتكرار إزالة النجاسة والماء المتغير وهي محتاجة إِلَى التذكار والمواعظ لتنهض لطلب الآخرة ومسائل الخلاف وإن كانت من علم الشرع إلا أنها لا تنهض بكل المطلوب ومن لم يطلع عَلَى أسرار سير السلف وحال الذي تمذهب لَهُ لم يمكنهم سلوك طريقهم وينبغي أن يعلم أن الطبع لص فَإِذَا ترك مَعَ أهل هَذَا الزمان سرق من طبائعهم فصار مثلهم فَإِذَا نظر فِي سير القدماء زاحمهم وتأدب بأخلاقهم وَقَدْ كان بعض السلف يَقُول حديث يرق لَهُ قلبي أحب إلي من مائة قضية من قضايا شُرَيْح وأنما قَالَ هَذَا لأن رقة القلب مقصودة ولها أسباب ومن ذلك أنهم اقتصروا عَلَى المناظرة وأعرضوا عَنْ حفظ المذهب