الخطيب رحمه الله أحال على لفظ ليث لا أبان، وليث ليث! وفيه زيادة: ((قال حذيفة: وكنا نحدث أن مثل ذاك الرجل يعمل زماناً بعمل أهل الجنة، ثم يختم الله له بعمل أهل النار، والرجل يعمل زماناً بعمل أهل النار، ثم يختم الله له بعمل أهل الجنة)) . ولها شواهد في ((الصحيحين)) وغيرهما. هذا، وقد وهم الشيخ السهروردي عف الله عنه، فعزاه في ((عوارف المعارف)) (ص218) إلي حذيفة مرفوعاً ولم يسنده.
(وأما) موقوف سلمان، فقال ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (الفرقان: 1249) : ((وذكر أيضاً حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه: ((القلوب أربعة: قلب أغلف، فذلك قلب الكافر. إلى آخره. وقد تقدم)) . قلت: لم استطع الاهتداء إليه في مظانه التي بين يديّ كالجزء الخاص بتفسير ((سورة البقرة)) وغيرها، ولكن قال محققه: ((ضعيف جداً، لأن في إسناده ليث بن أبي سليم، متروك)) . كذا قال: وكأنه فهم ذلك من قول الحافظ رحمه الله في ((التقريب)) (5685) : ((صدوق اختلط (¬1) جداً ولم يتميز حديثه فترك)) . وقد بينت ما في فهمه هذا من النظر في ((التبييض)) (18) . ولا أبعد أن يكون ليث قد رواه - ههنا - عن عمرو أيضاً عن أبي البختري عن سلمان، فيكون منقطعاً أيضاً.
(والحاصل) أن الحديث لا يصح رفعه ولا وقفه، وقد اضطرب فيه ليث اضطراباً عجيباً، فمرة يرفعه عن أبي سعيد، ومرة يوقفه على حذيفة - وهو الأصح على ضعفه - ومرة يوقفه على سلمان. والإسناد منقطع في كل، وقد تقدم عن ابن سعد رحمه الله تضعيف ما لم يصرح فيه أبو البختري بالسماع من الصحابة، فكيف بمراسيله عنهم؟ فالله المستعان، وهو حسبي ونعم الوكيل.