ابن عدي في جملة مناكير الوصافي، وتبعه الذهبي كما تقدم.
(ومن) طريقه أيضاً روى موقوفاً علاى ابن عمر، ففي ((الأدب المفرد)) (94) للإمام البخاري رحمه الله، و ((الحلية)) (10/32) من طريقين عن عيسى ابن يونس عن الوصافي به موقوفاً، ولفظ البخاري: ((إنما سماهم الله أبراراً لأنهم بروا الآباء والأبناء. كما أن لوالدك عليك حقاً، كذلك لولدك عليك حق)) . ولفظ ((الحلية)) : ((ما سموا الأبرار حتى بر الأبناء الآباء، والآباء الأبناء)) .
(وروى) أيضاً من قول سفيان الثوري، وفي ثبوته عنه نظر، ففي ((الحلية)) أيضاً (7/81) من طريق إبراهيم بن محمد بن علي الدهان الكوفي ثنا أبو هشام الرفاعي قال: سمعت يحيى بن يمان يقول: خرجت إلى مكة فقال لي سعيد بن سفيان: أقرئ أبي السلام وقل له يقدم، فلقيت سفيان بمكة فقال: ما فعل سعيد؟ فقلت: صالح يقرئك السلام ويقول لك أقدم، فتجهز بالخروج وقال: ((إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء)) اهـ. وإسناده لا يثبت، الدهان لم أقف له على ترجمة، وأبو هشام الرفاعي - واسمه: محمد بن يزيد الكوفي - ويحيى بن يمان مختلف فيهما، وكلاهما إلى الضعف أقرب. ولكن ما أظن يحيى ابن يمان يخطئ في مثل هذه الحكاية - إن صحت - وهذا لو ثبت، لا أدري صفيان أخذه إلا من الأثر المتقدم، فإن الوصافي متقدم الطلقة عليه. والله أعلى وأعلم. هذا، وقد وهم الحافظ المناوى رحمه الله في ((فيض القدير)) (2/574) وهماً عجيباً ما كان ينبغي لمثله، فإنه قال - متعقباً الحافظ السيوطي رحمه الله مغلطاً عليه لعزوه الحديث للطبراني وحده -: ((وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلى من الطبراني وهو قصور، فقد رواه سلطان المحدثين باللفظ المذكور في ((الأدب المفرد)) ، وترجم عليه (باب: بر الأب لولده) ، فالضرب عنه صحفاً، والعدول عنه للطبراني، من سوء التصرف)) اهـ.
قلت: هذا التعقب إنما يسلم إن كان الحديث عند البخاري مرفوعاً، وليس الأمر كذلك كما رأيت. والسيوطي رحمه الله - وإن كان أحياناً يبين الرواية الموقوفة للحديث ويعزوها لمخرجها - لكنه في الغالب لا يلتزم ذلك، وما هو