وقد وقفت بعد كتابة ما تقدم على حديث بريدة عند الإمام الطحاوي رحمه الله في ((مشكل الآثار)) (1/64-65) من طريقين عن مندل بن علي (وهو العنزي، أحد الضعفاء) عن العلاء بن المسيب به، وبوب عليه: (باب بيان مشكل ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اللهم قوّ في طاعتك (¬1) ضعفي) . ثم قال عقبة: ((فتأملنا هذهين الحديثين عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فوجدنا الضعف لا يكون قوة أبداً، ووجدنا القوة لا تكون ضعفاً أبداً، لأن كل واحد منهما ضد الآخر، ولا يكون الشئ ضداً لنفسه أبداً، وإنما يكون ضداً لغيره، وكان الضعيف والقوة لا يقومان بأنفسهما، إنما يكونان حالين عن أبدان الحيوان من بني آدم ومن سواهم، فيعود ما يحل فيه الضعف منهما الضعيف، وما يحل فيه القوة منهما قوياً (فعقلنا) بذلك أن دعاءه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عز وجل (كذا) أن يجعل ضعفه قوة، وإنما مراده فيه (كذا) - والله أعلم - أن يجعل ما فيه الضعف منه، وهو بدنة - قوياً، فهذا أحسن ما وجدنا في تأويل هذا الحديث، والله نسأله التوفيق)) اهـ.
قلت: ثبت العرش - يا فقيه مصر ومفخرتها - ثم انقش، فإن حال أبي داود نفيع الأعمى لا يخفى على العميان! فضلاً عن إمام بصير بالأسانيد والرجال مثلك. وإذ لم يثبت الحديث، بل لم يكن ضعفه محتملاً - على مذهب الآخذين به في الفضائل -، فما كان من داع إلى إيراده في هذا الكتاب أصلاً، فضلاً عن تأويل مشكلة إلا من باب الجواب عنه على افتراض ثبوته - دفعاً لاستشكال من توهم صحته - وما أظن أحداً من أهل العلم قال بصحبته - من السابقين للإمام الطحاوي عفا الله عنها - وهنا نكتة، فإن الحاكم ولد في السنة التي توفي فيها الطحاوي (321) رحمة الله عليهما وعلى أئمة الهدى ومصابيح العلم. فلا تعلق بتصحيح الحاكم أصلاً. ثم إن الإمام محمد بن إدريس الشاعي القرشي رحمه الله، قد أنكر هذا الدعاء أصلاً - وهو من هو في بزة أئمة اللغة في زمانه حتى عدوا كلامه لغة في نفسه رحمه الله -، فقد روى البيهقي في ((مناقب