حاشا وكلا، على أنني أسألها الله عز وجل على الدوام، عسى أو يرزقنيها يوماً من الأيام، ويهديني فيمن هدى، فلا يطردني عن بابه، ولا يحرمني من جنابه.
(أما) بشأن هذا الكتاب، فينبغي التنبيه على أنني قد أسسته على تضعيف الألفاظ لا المعاني، فما هو كتاب تصحيح مفاهيم، ولا تثبيت معاني، ولا خوض في أصول أو فروع، ولا ذكر بدائل، ولا تقرير معنى صحيح لآية. بل هو لدفع صحة صدور الألفاظ الواردة فيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو أحد من السلف. نعم، قد أطرق إلى بعض هذه الأمور إن اقتضى المقام ذلك في بعض الأحيان. فمثلاً، إذا أثبت وضع حديث: ((أفضل الحسنات تكرمة الجلساء)) ، ووهاءه موقوفاً، فلا يلزمني إيراد ما ثبت مرفوعاً في ((أفضل الحسنات)) أو ((الأعمال)) ، أو أحبها إلى الله عز وجل، ولا إيراد ما صح في فضل إكرام الكرء جليسه. وهذا باب لو فتح لم ينغلق أبداً. وإذا ثبت ضعف حديث ما في تعيين: ((اسم الله الأعظم)) ، فلا يلزمني إيراد ما صح في هذا الباب من الأحاديث والآثار، على ألا يفهم مما قررته إهدار أهمية الإلحاح على الله عز وجل بدعوة ذي النون علي السلام: (لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين) ، بدليل أنني قد أوردت بعض ما صح في فضلها.
وإذا حكيت تضعيف حديث: ((من استمع إلى آية من كتاب الله تعالى، كتب له حسنة مضاعفة ... )) ، فليس مقصدي البتة أن الاستماع إلى القرآن العظيم لا ثواب له، ولا فضل فيه. كيف، وقد جعل الله تعالى جزاءه رحمته التي وسعت كل شئ، (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) (?) ، وجعله تعالى مشهوداً تشهده ملائكة الرحمة المتعاقبة في العباد، (وقرآن الفجر. إن قرآن الفجر كان مشهوداً) (?) .