واشهد المقتدر على نَفسه بِالْخلْعِ الْقُضَاة واخذ القَاضِي ابو عمر (1) الْكتاب فَلم يطلع عَلَيْهِ احدا فَكَانَ هَذَا من اقوى ذرائعه عِنْد المقتدر لما عَاد الى الْخلَافَة
وَسكن النهب عِنْد ولَايَة القاهر وَجلسَ ابْن مقلة بَين يَدَيْهِ وَكتب بخلافته الى الافاق
وَتقدم الى نازوك بقلع خيم الرجالة وَالْمَنْع للحجرية من دُخُول الدَّار فاضطربوا
فَلَمَّا كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشر الْمحرم بكر النَّاس الى دَار الْخلَافَة لانه يَوْم الْمركب (2) وَحضر الْخلق والعسكر باسره وطالبوا بالرزق والبيعة وَلم ينحدر مونس المظفر يَوْمئِذٍ
وهجمت الرحالة تُرِيدُ الصحن التسعيني وَكَانَ نازوك نهى اصحابه عَن معارضتهم اشفاقا من الْفِتْنَة فقاربوا القاهر بِالسِّلَاحِ وَكَانَ جَالِسا فِي الرواق بَين يَدَيْهِ ابْن مقلة ونازوك وابو الهيجاء فانفذ بنازوك ليردهم وَهُوَ مخمور قد شرب ليلته فقصدوه بِالسِّلَاحِ فهرب مِنْهُم فطمعوا فِيهِ وانْتهى بِهِ الْهَرَب الى بَاب كَانَ قد سَده خوفًا من الدُّخُول مِنْهُ فَكَانَ منيته عِنْده فَقَتَلُوهُ وصاحوا مقتدر يامنصور
فهرب كل من فِي الدَّار وصلبوا نازوك عجيبا الْخَادِم على خشب الستارة وبادر الخدم الى ابواب الدَّار فغلقوها لانهم خدم المقتدر وصنائعه
وبادر ابو الهيجاء الْخُرُوج فصاح القاهر بِهِ تسلمني يَا ابا الهيجاء فاخذته الحمية فَقَالَ لَا وَالله لَا اسلمك وَعَاد ابو الهيجاء وَيَده فِي القاهر الى دَار السَّلَام وَقصد الروشن فَوجدَ الرجالة منتظرين فَنزل ابو الهيجاء مَعَه وَقَالَ لَهُ وتربه حمدَان لَا فارقتك يَا مولَايَ اَوْ اقْتُل دُونك
وَمضى ابو اليهجاء الى الفردوس وَنزل سوَاده ومنطقته واعطى ذَلِك غُلَامه واخذ جُبَّة صوف مصرية عَلَيْهِ وَركب دَابَّة غُلَامه وَمضى الى بَاب النوبى فَوجدَ الْجَيْش وَرَاءه وَهُوَ مغلق فَعَاد الى الْقَاهِرَة وَقَالَ هَذَا امْر من السَّمَاء قد حمل راس نازوك الى هُنَاكَ
ودخلا من حَيْثُ خرجا واتيا دَار الأترجة وتاخر عَنْهُمَا فائق وَجه الْقَصعَة واشار على الخدم بقتل ابي الهيجاء وَذكرهمْ عداوته الى المقتدر فاتوه بقسي ودبابيس فَجرد سَيْفه وَنزع جبته وَحمل عَلَيْهِم فاجفلوا مِنْهُ ورموه ضَرُورَة ورماه اُحْدُ الحجرية بنشابة