جوهرا فِي عَسَاكِر كَثِيرَة فَدَعَا اهل الْبَلَد وأعلمهم مَا قد اضلهم وانه على مفارقتهم فَقَالُوا ان ارواحنا دُونك وانا باذلون نفوسنا دون نَفسك
وَلما حصل جَوْهَر بالرملة كَاتب الفتكين وعرفه انه قد استصحب لَهُ امنا وكتابا بِالْعَفو عَمَّا فرط فِيهِ وخلعا يفيضها عَلَيْهِ واموالا فَأَجَابَهُ الفتكين اجابة مغالط واحال على اهل دمشق فعل جَوْهَر على الْحَرْب وَسَار اليه فَالْتَقَيَا بالشماسية ودامت الْحَرْب واتصلت مُدَّة شَهْرَيْن وَظهر من شجاعة الفكين وغلمانه مَا عظموا بِهِ فِي النُّفُوس
وعاضد الفتكين الْحسن بن احْمَد القرمطي واجتمعا فِي خمسين الْفَا فَانْصَرف جَوْهَر الى طبرية وَمِنْهَا الى عسقلان فحاصراه بهَا وقطعا عَنهُ المَاء
وَكَانَ جَوْهَر فِي الشجَاعَة مَعْرُوفا فَكَانَ يبارز الفتكين ويعرض عَلَيْهِ الطَّاعَة لصَاحبه فيكاد ان يجِيبه فيعترضهما القرمطي فَلَا يُمكن الفتكين من ذَلِك
فاجتمعا يَوْمًا فَقَالَ جَوْهَر قد علمت مَا يجمعني واياك من عظم الدّين وَقد طَالَتْ الْفِتْنَة وَدِمَاء من هلك فِي رقابنا وان لم تجب الى الطَّاعَة فاسالك ان تمن عَليّ بنفسي وباصحابي وتذم لنا وَتَكون قد جمعت بَين (290148) حقن الدِّمَاء واصطناع الْمَعْرُوف فَقَالَ الفتكين انا افْعَل على ان اعلق سَيفي ورمح القرمطي على بَاب عسقلان (1) وَتخرج من تحتهما قَالَ رضيت واخذ خَاتم الفتكين على الْوَفَاء
وانفذ اليه جَوْهَر مَالا والطافا فاجتهد القرمطي بالفتكين ان يغدر فَلم يفعل فَخرج وَخرج جَوْهَر وَشرح لصَاحبه الْحَال فامر باخراج المَال واثبات الرِّجَال وَسَار وجوهر على مقدمته واستصحب توابيت آبَائِهِ
وَلما عرف الفتكين والقرمطي الْحَال عَاد الى الرملة واحتشد وتقارب العسكران واصطفا لِلْقِتَالِ وجال الفتكين بَين الصفين فَكبر وَحمل وَطعن وَضرب
فعلا الْعَزِيز على رابية وعَلى راسه المظلة وَقَالَ لجوهر ارني الفتكين فاراه اياه وَكَانَ على فرس ادهم بتجفاف من مرايا وَعَلِيهِ فزاعنذ (2) اصفر وَهُوَ يطعن تَارَة وَيضْرب باللت اخرى وَالنَّاس يتحامونه
فَالْتَفت الْعَزِيز الى ركابي يخْتَص بِهِ وَقَالَ لَهُ امْضِي الى الفتكين وَقل لَهُ انا الْعَزِيز وَقد ازعجتني من سَرِير ملكي واخرجتني لمباشرة الْحَرْب وانا اسامحك بِجَمِيعِ ذَلِك وَلَك عَليّ عهد الله باني اهب لَك الشَّام باسره واجعلك اسلسهار عسكري