ولا تقلدوني، واتبعوا نَظَر العِيان إذا اتبعتموني.
ومع ذلك فالناس كحائرين أو جائرين جاحدين إلا ما شاء الله من القليل، كالواحد الواحد من الجيل.
فما لبث إلا أن ناداه داعي الله فلبّاه، فرضي الله عنه وأرضاه، ولكنه خلَّف في القلب مِنْ أسَفِ فُرْقته جمراتٍ وأيّ جمرات، وحسَرات تتبعها حسرات.
وهذا المسكين المحروم من حضرته، المفاجأ فيه بمصيبته، على قلة عدد أيام معرفته، ما مثله إلا كما يقال: ما سَلّم حتى ودعّ (?). فهو لا يزالُ يجد الرَّوح والراحة إذا هبّت النسمات الشامية، ومرّت النفحات الدمشقية، ويتسلّى بوجود الأعيان من المصاحبين له والمعاصرين، ويشتاق الإخوان الآخذين عنه المُقلِّين والمُكثرين.
والحضرة العلية -ولله الحمد- بحرٌ خِضَمّ لا يُدْرك قرارُه، ولا ينتهي إلى ساحله من ظهر له شعاره، قد خُصَّ بالمواهب الجليلة من فنون العلوم والأعطيات الجزيلة التي يعترف بها الخصوم، وله اختصاصٌ عظيم بإمام الدنيا -رحمه الله-، ومكارمه على المستفيدين والطلبة وإحسانه إليهم يُغني شهرتُه عن الشرح، مع ما سَبَق من الإنعام