وهذا المسكين كاتب هذه الأسطر لم يقف على كلامه، ولم يعرف حاله إلّا قُرْبَ اعتقاله، وليت كان قبل ذلك بمدَّة طويلة، وأيّ حيلةٍ بعد فوتِ الحيلة، ولكن في الله الخَلَف، وفي بقائكم السلوان عمن سَلف.
ولما وصل إلى هنا بعضُ مصنّفاته، ووقف على أصول مقالاته، واعتبر قواعدَ تأسيساته في بحوثه ومُناظراته = رأى والله شيئًا بَهَره، وشاهد أمرًا حيّره! ولا كان يعتقد أنَّ مثل هذا البحث والبيان يكون في قوة إنسان! وما أشبهه برجل موتور (?) يطلبُ الثأر من جميع الفِرَق المخالفة لدين الإسلام، لا يُبالى بكثرة عددهم، ولا يتزعزع أن يتابع مددهم، ولا تهوله كثرة جموعهم، ولا يُتَعْتعه تهديدهم أو تهويلهم مِن تابِعِهم أو متبوعِهم.
إن ناظر المتفلسفين قَمَعهم، وإن عارض (?) المتكلمين قطعَهم، وإن جارى المبتدعين بدَّدَهم، وإن كافح المُلْحدين شرّدهم، يجول في ميادين المناظرة والجدال جَوَلان الفرسان الأجلاد الأبطال، ويجري عند المقارعة والنزال فلا يجُارَى في مسابقة ولا نِضال، فهو الفارس الثائر والشجاع الفائر (?)، يثأر لدين الله ممن خالفه، وينتصر لكلام الله ممن أحال معناه أو حرّفه. يؤسِّس التأسيسات القويمات، ويمهّد القواعد المستقيمات، لا تُدْحَض له حجة إذا شرع في إقامة الحُجج