أولياء الله، وإن لم تَجْمع بينهما المزاورة، ولا انتظمتهما الأيام في سلك المحاورة. لكن مُوجبها نقل المكارم التي تقل في هذا العصر إلا في الأفراد، ولا تكاد توجد فيه إلا في الآحاد.

وإذا أحسّت الأسماعُ ببعض الأفذاذ في بعض البقاع هشَّت النفوسُ إلى لقائه، وتَبشْبَشت القلوبُ طمعًا في ودِّه وإخائه.

ولم تزل مآثر الحضرة العلية ومفاخر السُّدّة (?) الأوحديّة يضوع عَرْفُها في الآفاق، وتَفِدُ بها الوفود (?) إلى العراق، حتى استجاب القلب لداعي تلك المآثر، وعَقَد عليها الخناصر [ق 193]، وصار في إنهاء ذلك الودِّ الراسخ إلى الحضرة العُلْيا متردِّدًا كالمقدّم فيه رِجْلًا والمؤخّر أخرى، إلى أن استخار الله سبحانه في هذا الإنهاء مجتهدًا، حتى ترجَّح له أن إحاطة العلوم المولوية بهذا المعنى أولى وأحرى، واستقرَّ في النفس أن تأخير هذا الأمر بعد تعرُّف القلوب ضربٌ من الجفاء أو إضراب عما جاء في السنة الغرَّاء: «إذا أحبّ أحدُكم أخاه فليُعلِمه» (?)، كما من السنة: أن من له جارٌ فليكرمه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015