المجلس ولا يتلعثم، وكذا كان يورد الدرس بتُؤدَةٍ وصوتٍ جهوري فصيح، فيقول في المجلس أزيد من كراسين أو أقل، ويكتب على الفتوى في الحال عدَّة أوصال بخط سريع إلى غاية التعليق والإغلاق.

قرأت بخط شيخنا العلامة كمال الدين عَلَم الشافعية (?) في حقِّ ابن تيمية: كان إذا سُئل عن فنّ من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم بأنه لا يعرفه أحد مثله (?)، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جالسوه استفادوا منه في مذاهبهم أشياء. قال: ولا يُعرف أنه ناظر أحدًا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم -سواء كان من علوم الشرع أو غيرها- إلا فاق فيه أهله. واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها كما يجب (?).

قلت: وله خبرة تامَّة بالرجال وجَرْحهم وتعديلهم وطبقاتهم، ومعرفة بفنون الحديث، والعالي والنازل، وبالصحيح والسقيم، مع حفظه لمتونه الذي انفرد به، فلا يبلغ أحدٌ في العصر رتبتَه ولا يُقاربه، وهو عجيب في استحضاره واستخراج الحُجَج منه، وإليه المنتهى في عزوه إلى الكتب الستة و «المسند»، بحيث يَصدُق عليه أن يُقال: «كلُّ حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث» ولكنَّ الإحاطة لله، غير أنه يغترف فيه من بحر، وغيره من الأئمة يغترفون من السواقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015