قال ابن القيم: «وشاهدت شيخَ الإسلام ابن تيمية -قدَّس الله روحه- إذا خرج إلى الجمعة يأخذ ما وجد في البيت من خبز أو غيره، فيتصدق به في طريقه سرًّا، وسمعته يقول: إذا كان الله قد أمرنا بالصدقة بين يدي مناجاة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فالصدقة بين يدى مناجاته تعالى أفضل وأولى بالفضيلة» (?).
وقال في موضع آخر: «نَسْخ وجوب الصدقة بين يدي مناجاة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يبطل حكمه بالكُليَّة، بل نُسِخ وجوبه وبقي استحبابه والندب إليه، وما عُلِم من تنبيهه وإشارته، وهو أنه إذا اسْتُحِبَّت الصدقة بين يدي مناجاة المخلوق فاستحبابها بين يدي مناجاة الله عند الصلوات والدعاء أولى. فكان بعض السلف الصالح يتصدق بين يدي الصلاة والدعاء إذا أمكنه، ويتأوَّل هذه الأولوية.
ورأيت شيخَ الإسلام ابن تيمية يفعله ويتحرّاه ما أمكنه، وفاوضته فيه، فذكر لي هذا التنبيه والإشارة» (?).