قَالَ أَبِي، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: «إِنَّمَا كَرِهُوَا الْكِتَابَ لِأَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اتَّخَذُوا الْكُتُبَ فَأُعْجِبُوا بِهَا فَكَانُوا يَكْرَهُوَنَ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِهَا عَنِ الْقُرْآنِ» فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ كَرَاهَةَ مَنْ كَرِهَ الْكِتَابَ مِنَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ إِنَّمَا هِيَ لِئَلَّا يُضَاهَى بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُهُ , أَوْ يُشْتَغَلَ عَنِ الْقُرْآنِ بِسِوَاهُ وَنُهِيَ عَنِ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ أَنْ تُتَّخَذَ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ حَقُّهَا مِنْ بَاطِلِهَا وَصَحِيحُهَا مِنْ فَاسِدِهَا , مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَفَى مِنْهَا وَصَارَ مُهَيمِنًا عَلَيْهَا , وَنُهِيَ عَنْ كَتْبِ الْعِلْمِ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَجَدْتُهُ لِقِلَّةِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ , وَالْمُمَيِّزِينَ بَيْنَ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ , لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَعْرَابِ لَمْ يَكُونُوا فَقِهُوَا فِي الدِّينِ وَلَا جَالَسُوا الْعُلَمَاءَ الْعَارِفِينَ , فَلَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُلْحِقُوا مَا يَجِدُونَ مِنَ الصُّحُفِ بِالْقُرْآنِ , وَيَعْتَقِدُوا أَنَّ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّحْمَنِ