أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ مِرْدَوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ شَفِيقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ، يَقُولُ: قُلْنَا لِابْنِ الْمُبَارَكِ: إِذَا صَلَّيْتَ مَعَنَا لِمَ لَا تَجْلِسُ مَعَنَا؟ قَالَ: أَذْهَبُ فَأَجْلِسُ مَعَ التَّابِعِينَ وَالصَّحَابَةِ , قَالَ: قُلْنَا: فَأَيْنَ التَّابِعُونَ وَالصَّحَابَةُ؟ قَالَ: أَذْهَبُ أَنْظُرُ فِي عِلْمِي فَأُدْرِكُ آثَارَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ , مَا أَصْنَعُ مَعَكُمْ؟ أَنْتُمْ تَجْلِسُونَ تَغْتَابُونَ النَّاسَ فَإِذَا كَانَ سَنَةَ مِائَتَيْنِ فَالْبُعْدُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ , تَعَالَى , فِرَّ مِنَ النَّاسِ كَفِرَارِكَ مِنَ الْأَسَدِ , وَتَمَسَّكْ بِدِينِكَ يَسْلَمْ لَكَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ قِيلَ لِبَعْضِهِمْ: لَمْ لَا تُعَاشِرُ فُلَانًا الشَّرِيفَ , فَقَالَ: أَنَا أُعَاشِرُ أَبَاهُ وَجَدَّهُ , وَمُعَاشَرَةُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ , فَقِيلَ: إِنَّ أَبَاهُ وَجَدَّهُ قَدْ مَاتَا فَكَيْفَ تُعَاشِرُهُمَا؟ فَقَالَ بِأَخْبَارِهِمَا وَآثَارِهِمَا فِي الْكُتُبِ الَّتِي إِذَا قَرَأْتُهَا قَدْ عَاشَرْتُهُمَا بِهَا , وَقِيلَ لِحَكِيمٍ مِنَ الْحُكَمَاءِ: أَلَا تَدْعُو قَوْمًا يُؤْنِسُونَكَ؟ فَقَالَ: كَمْ جَهْدُ مَا يُمَكِّنُ مِثْلِي أَنْ يَدْعُوَ مِنَ النَّاسِ لِيَسْتَأْنِسَ بِهِمْ؟ فَقَالُوا: الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةُ , فَقَالَ: قَدْ يُؤْنِسُنِي أُلُوفٌ وَأُلُوفٌ وَعَشَرَاتُ أُلُوفٍ , فَقِيلَ: أَنَّى لَكَ كُلُّ هَؤُلَاءِ؟ وَهَلْ تَسَعُ دَارُكَ جَمْعَهُمْ؟ فَقَالَ: مَجْمَعُهُمْ فِي الْكُتُبِ الْمَسْطُورَةِ وَالْأَخْبَارِ الْمَأْثُورَةِ , وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ (مِنَ الْكَامِلِ) :
[البحر الكامل]
لَوْلَا الْعُلُومُ لَمَّا سَمِعْتَ لِهَالِكٍ ... ذِكْرًا وَلَا خَبَرًا مِنَ الْأَخْبَارِ
كَمْ مِنْ أَدِيبٍ حَاضِرٍ فِي مِصْرِهِ ... وَحَدِيثُهُ الْمَشْهُوَرُ فِي الْأَمْصَارِ
يُنْسَى الْأَنَامُ وَذُو الْعُلُومِ مُخَلَّدٌ ... فِي النَّاسِ مِنْ بَاقٍ هُنَاكَ وَسَارِ