خِيَانَةً , وَلَا أَكْثَرَ أُعْجُوبَةً وَتَصَرُّفًا , وَلَا أَقَلَّ صَلَفًا وَتَكَلُّفًا , مِنْ كِتَابٍ , وَبَعْدُ فَمَتَى رَأَيْتَ بُسْتَانًا يُحْمَلُ فِي رَدَنٍ , وَرَوْضَةً فِي كَفٍّ , وَحَجَرًا يَنْطِقُ عَنِ الْمَوْتَى , وَيُتَرْجِمُ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ , وَمَنْ لَكَ بِمُؤْنِسٍ لَا يَنَامُ , إِلَّا بِنَوْمِكَ , وَلَا يَنْطِقُ إِلَّا بِمَا تَهْوَى , أَبَرُّ مِنْ أَرْضٍ , وَأَكْتَمُ لِلسِّرِ مِنْ صَاحِبِ السِّرِ , وَأَضْبَطُ لِحِفْظِ الْوَدِيعَةِ مِنْ أَرْبَابِ الْوَدِيعَةِ , صَامِتٌ مَا أَسْكَتَّهُ , وَبَلِيغٌ إِذَا اسْتَنْطَقْتَهُ , وَمَنْ لَكَ بِمُسَامِرٍ لَا يَبْتَدِيكَ فِي حَالِ شُغْلِكَ , وَيَدَعُوكَ فِي أَوْقَاتِ نَشَاطِكَ , وَلَا يُحْوِجُكَ إِلَى التَّجَمُّلِ لَهُ وَالتَّذَمُّمِ مِنْهُ , وَمَنْ لَكَ بِزَائِرٍ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ زِيَارَتَهُ غِبًّا وَوِرْدَهُ خَمْسًا وَإِنْ شِئْتَ لَزِمَكَ لُزُومَ ظِلِّكَ , وَكَانَ مِنْكَ مَكَانَ بَعْضِكَ , وَالْكِتَابُ مُكْتَفٍ بِنَفْسِهِ , وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ , وَهُوَ الْجَلِيسُ الَّذِي لَا يُطْرِيكَ , وَالصَّدِيقُ الَّذِي لَا يُغْرِيكَ , وَالرَّفِيقُ الَّذِي لَا يَمَلُّكَ , وَالْمُسْتَمْنِحُ الَّذِي لَا يَزِيدُكَ , وَالْجَارُ الَّذِي لَا يَسْتَبْطِئُكَ وَالصَّاحِبُ الَّذِي لَا يُرِيدُ اسْتِخْرَاجَ مَا عِنْدَكَ بِالْمَلْقِ , وَلَا يُعَامِلُكَ بِالْمَكِرِ , وَلَا يَخْدَعُكَ بِالنِّفَاقِ , وَلَا يَخْتَالُ لَكَ بِالْكَذِبِ , وَالْكِتَابُ هُوَ الَّذِي إِنْ نَظَرْتَ فِيهِ أَطَالَ إِمْتَاعَكَ , وَشَحَذَ طِبَاعَكَ , وَبَسَطَ لِسَانَكَ , وَجَوَّدَ بَيَانَكَ وَفَخَّمَ أَلْفَاظَكَ , وَعَمَّرَ صَدْرَكَ , وَمَنَحَكَ تَعْظِيمَ الْعَوَامِّ وَصَدَاقَةَ الْمُلُوكِ , وَعَرَفْتَ بِهِ فِي شَهْرٍ مَا لَا تَعْرِفُهُ مِنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ فِي دَهْرٍ , مَعَ السَّلَامَةِ مِنَ الْغُرْمِ وَكَذَا الطَّلَبِ وَالْوُقُوفِ بِبَابِ الْمُكْتَسِبِ بِالتَّعْلِيمِ , وَالْجُلُوسِ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ أَنْتَ أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْقًا وَأَكْرَمُ مِنْهُ عِرْقًا , وَهُوَ الْمُعَلِّمُ الَّذِي إِنِ افْتَقَرْتَ لَمْ يَحْقِرْكَ , وَإِنْ قُطِعْتَ الْمَادَّةَ لَمْ يَقْطَعْ عَنْكَ الْفَائِدَةَ , وَإِنْ عُزِلْتَ لَمْ يَدَعْ طَاعَتَكَ , وَإِنْ هَبَّتْ رِيحُ أَعْدَائِكَ لَمْ يَتَقَلَّبْ عَلَيْكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015