بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم كرامتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبل، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفو عن مسيئهم. رواه البخاري.
ثم روى عن أحمد بسنده إلى أنس قال: قال المهاجرون: يارسول الله، ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلا في كثير، لقد كفونا المؤونة، وأشركونا في الهناء (الهنأ ما أتاك من الرزق بلا مشقة) حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله قال: لا ما أثنيتم عليهم ودعوتم الله لهم اهـ.
ومعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما آخى بين المهاجرين والأنصار صار الأخ الأنصاري يقوم بالعمل كله في أرضه ويقاسم أخاه المهاجر الغلة والثمرة. فخاف المهاجرون أن كل ما عملوه من عمل مقبول عند الله يكون أجره لإخوانهم الأنصار الذين كفوهم مؤونة العمل، وأشركوهم في الغلة والثمرة، فأخبرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أجرهم ثابت لهم، إن كافؤوا إخوانهم الأنصار بالثناء والشكر ودعوا الله لهم. روى أحمد والترمذي من حديث أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من لم يشكر الناس، لم يشكر الله.
وروى البخاري بسنده إلى يحيى بن سعيد، سمع أنس بن مالك حين خرج معه إلى الوليد قال دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- الأنصار أن يقطع لهم البحرين، قالوا: لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها، قال أما لا فاصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم أثرة اهـ.
قال في مجمع البحار: وفي الحديث ستلقون بعدي أثرة - بفتحتين - اسم من آثر يوثر إيثارا، أي أعطى، أراد أنه يستأثر عليكم، فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء. والاستئثار: الانفراد بالشيء اهـ.