أما الصحافة والعلم والمعرفة والرياضة وما أشبه ذلك، فالصواب أن يعبر فيها بالحب، وكذلك حب الله سبحانه وتعالى، وحب رسوله والمؤمنين، لا ينبغي أن يعبر عنه بالعشق. ويدل على ذلك أيضا قول صاحب القاموس (أو مرض وسواسي يجلبه إلى نفسه بتسليط فكره على استحسان بعض الصور) فإن من أحب الله ورسوله والعلم وأهله لا يجلب لنفسه مرضًا وسواسيًا أبدًا، بل يزداد عقله قوة وصحة.
وكذلك القول بأن العشق عمى الحس عن إدراك عيوب المعشوق، لا يتناسب إلا مع من تمكن مباشرته. ويروى حديث في العشق ذكره داود الأنطاكي في كتابه (تزيين الأسواق بتفصيل أشواق العشاق) ص 6 هذا نصه:
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عشق فعف، فمات دخل الجنة). زاد الخطيب عنه: فظفر، ثم أبدل قوله (دخل الجنة) بقوله «مات شهيدا»، وفي أخرى (فكتم). والحديث بسائر ما ذكر صححه مغلطاي، وأعله البيهقي والجرجاني والحاكم في التاريخ بضعف سويد وتفرده به. ورواه ابن الجوزي مرفوعا وأبو محمد بن الحسن موقوفا، وأخرج الخطيب عن عائشة رفعه أيضا.
وحاصل الأمر أما صحته أو حسنه، والجواب عن تفرد سويد المنع بوروده عن غيره، وحكايته تحديثا، وكونه قبل عماه، فلا تدليس اهـ.
والعجب من هذا الرجل الذي قضى عمره في علم الطب والفلسفة كيف تكلم على هذا الحديث كأنه من علماء الحديث، ولا غرابة في ذلك، فإن المسلمين في زمان عزهم وارتقائهم كانت لهم ثقافة جامعة عالية لا تشبهها أي ثقافة من ثقافات العصر