عن الله تعالى. وقصص المتنبئين مذكورة في العقد الفريد وغيره من كتب الأدب، والمتنبئون هم الذين ادعوا النبوة، واستعمال تنبأ بمعنى أخبر بشيء يقع في المستقبل استعمال استعماري، من استعباد اللغات الأوربية للغة العربية، فإن جهال المترجمين يترجمون الفعل الإنكليزي Prophesy بقولهم: تنبأ، ويترجمون (prophecy) بالنبوة يريدون بذلك الإخبار بالشيء قبل وقوعه، والصواب أن يقال: توقع وتفرس، وحدس أنه يقع كذا وكذا.
وقال في معجم أوكسفورد في معنى (بروفيساي prophecy) يتكلم كنبي، وقال في معنى (بروفيت prophet) هو الموحى إليه المخبر عن الله فظهر لك أن الأوربيين يستعملون تنبأ بمعنى يتكلم كما يتكلم النبي، والنبي كثيرا ما يخبر بالمغيبات، فهذا الاستعمال في لغتهم شائع. وقد توهم المترجمون أن كل ما ساغ في لغتهم يسوغ في لغتنا، خصوصا ولغتهم لغة القوي القاهر، ولغتنا لغة الضعيف المغلوب على أمره.
ومعنى (بروفيت) في اللغة الإنكليزية لا يختلف عن معناه في اللغة العربية، فهو الموحى إليه المخبر عن الله تعالى، وحق لغتنا علينا أن ننظفها من كل استعمال دخيل، محافظين على جمالها ونضارتها وبهجتها. ويقال في الكلام الفصيح: صدق حدسه، وتحقق ظنه، والمخطئون يقولون: صدقت نبوته.
ومن الأخطاء الشائعة في هذا الزمان في الإذاعات والصحف قولهم: ينبغي عليه أن يفعل كذا وكذا، فيعدون ينبغي بعلى، وهذا دليل على إهمال اللغة، وطرح العناية بها جانبًا وذلك شأن الأمم المخذولة المنحطة، السائرة إلى الاضمحلال. وقد رأينا أسلافنا كيف اعتنوا بلغة القرآن، وخدموها أحسن خدمة،