أما التمني فهو طلب المستحيل أو ما فيه عسر، والأكثر استعماله في طلب المستحيل، قاله الأشموني قالوا: ولا يستعمل التمني فيما هو واجب الوقوع. فمثال المستحيل قول الشيخ:
ألا ليت الشباب يعود يوما ... فأخبره بما فعل المشيب
وقوله تعالى في سورة النساء (73) {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} وقول الشاعر:
ليت وهل ينفع شيئا ليت ... ليت شبابا بوع فاشتريت
قال الأشموني: وأما قوله تعالى {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} مع أنه واجب، فالمراد: تمنيه قبل وقته. اهـ يعني قبل الأجل المحدود، وهو مستحيل.
وقال تعالى في سورة البقرة (96) {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ، وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} يعني ولتجدنهم، أي اليهود - مع زعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه - أحرص الناس على طول حياة، وأحرص من الذين أشركوا، وهم المجوس، فإن أحدهم يهنئ صاحبه بقوله: (هزار نوروز مهرجان) يعني تعيش ألف سنة، وتشهد ألف عيد واحتفال ولو هنا للتمني قاله البيضاوي، وهذا أيضا من المستحيل.
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى في سورة النساء (32) {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} من الأمور الدنيوية، كالجاه والمال، فلعل عدمه خير والمقتضى للمنع كونه ذريعة إلى التحاسد والتعادي، لعدم الرضا بما قسم الله له، وأنه تشبه لحصول لشيء له من غير طلب، وهو مذموم