أي يرتدع بالقصاص من يريد الإقدام على القتل، فيكون في ذلك حياة الناس. وقال عز وجل: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} أي من نجاها من الهلاك. وعلى هذا يكون قوله مخبرا عن إبراهيم: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، قَالَ: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} أي أعفو فيكون إحياء. اهـ
فالحياة في اللغة نقيض الموت قال تعالى في سورة الملك: (2) {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} قال البيضاوي: قدرهما، أو أوجد الحياة وأزالها حسبما قدره، وقدم الموت لقوله: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ}. اهـ
وقال تعالى في سورة النجم (44) {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} ومقابلة الموت بالحياة في الكتاب العزيز، جاءت في مواضع كثيرة.
ومن الاستعمال الفاسد، قولهم: فلان اعتزل الحياة السياسية. يريدون بذلك، اعتزل السياسة، فيقحمون لفظ الحياة تقليدًا للغات الأجنبية، وليس في إقحامه فائدة، ولكنه يخدش وجه البلاغة العربية ويمسخها. والحاصل أن الإنسان ليس له إلا حياة واحدة، متى زالت مات، فيجب على الأديب أن ينزه كلامه عن ذلك الاستعمال، ولا يستعمل لفظ الحياة إلا في الموضع المناسب له كما جاء في كتاب الله. وفي لسان العرب، سواء أراد الحقيقة أو المجاز.
قوله إيضاح لكلام الراغب: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا} قال البيضاوي: مثل به من هداه الله سبحانه وتعالى، وأنقذه من الضلال، وجعل له نور الحجج والآيات يتأمل بها في الأشياء، فيميز بين الحق والباطل، والمحق والمبطل. اهـ
أقول: شبه الله الضالين الذي لا يهتدون إلى الحق، ولا يتمسكون به بالأموات. وأهل الهدى والاستقامة بالأحياء فالمراد