مالطة جزء.
وقد عبر القرآن عن هذا المعنى بعبارات من أبلغ الكنايات وأجملها، وأدلها على المعنى، ولم يصرح قط باللفظ المخصص لهذا الحدث. قال تعالى في سورة البقرة: (187). {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ، وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}.
وقال تعالى في سورة البقرة أيضًا: (237) {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً، فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}.
وقال تعالى في سورة النساء: (43) {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ، فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.
فهذه ثلاثة ألفاظ، المباشرة، والمسيس، والملامسة كلها كنايات. وفي اللغة العربية كنايات أخرى لأداء هذا المعنى لا تعد ولا تحصى، فما حاجتنا إلى جلب تلك العبارة الأجنبية الركيكة الغامضة التي تمسخ الإنشاء العربي، وتخدش وجهه، وتسجل العجز عن لغة الضاد، وتصمها بما هي منه براء؟
على أن لفظ الجماع الذي يعبر به الفقهاء في كتب الفقه وفي الوثائق هو أيضا كناية.
قال في القاموس: وجماع الشيء جمعه، يقال: جماع الخباء الأخبية، أي جمعها لأن الجماع ما جمع عددًا. ثم قال: والمجامعة المباضعة، وجامعه على أمر كذا اجتمع معه. اهـ
على أن التشدد في أمر الألفاظ ينافي طباع العرب ويسيء إلى أدب اللغة العربية بل وإلى اللغة نفسها، فإن العرب تتساهل في التعبير والتلفظ، وإنما تتورع في الأقوال والأفعال التي تعد