ومن الأخطاء الشائعة الذائعة استعمالهم لفظ التصدير فيما تخرجه البلاد من البضائع ليباع في خارجها فيقولون مثلًا: المغرب يصدر الفوسفاط والحوامض والسردين، فدعنا نبحث في صحة هذا التعبير قال في اللسان: وصدر كتابه جعل له صدرًا، وصدره في المجلس فتصدر اهـ. والصواب في هذا أن يعبر بالإصدار.
ثم قال صاحب اللسان: وقد أصدر غيره وصدره، والأول أعلى. وفي التنزيل العزيز: {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}.
قال ابن سيدة: فإما أن يكون هذا على نية التعدي، كأنه قال: حتى يصدر الرعاء إبلهم، ثم حذف المفعول. وإما أن يكون يصدرها هنا غير متعد لفظا ولا معنى، لأنهم قالوا: صدرت عن الماء: فلم يعدوه. اهـ
وقال البيضاوي في قوله تعالى في سورة القصص (23) {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} تصرف الرعاة مواشيهم عن الماء حذرًا عن مزاحمة الرجال، وحذف المفعول، لأن الغرض هو بيان ما يدل على عفتهما، ويدعوه إلى السقي لهما ثمت دونه.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر (يصدر) أي ينصرف. اهـ
أقول: قول البيضاوي: (تصرف الرعاة مواشيهم) يرجح الوجه الأول من الوجهين اللذين نقلهما صاحب اللسان عن ابن سيدة، وهو أن يصدر فعل متعد حذف مفعوله، لأن البلاغة تقتضي حذفه كما أشار إليها البيضاوي، لأن الغرض لا يتعلق به، وإنما المراد الدلالة على عفاف ابنتي شعيب وكراهيتهما للاختلاط بالرعاة.