والضعف يسخر منهم أعداؤهم ولا يأبه بهم أحد.

وقد أخبر الله سبحانه في أول هذه السورة أن الروم البيزنطيين هزمهم الفرس شر هزيمة، وكان الروم أعظم دولة في الغرب، والفرس أعظم دولة في الشرق الأدنى على الأقل، ولم تجر العادة أن دولة عظيمة تمنى بهزيمة منكرة تلم شعثها وتجمع شملها، وتعيد الكرة في بضع سنين فتهجم على الدولة التي هزمتها وتكيل لها صاعًا بصاع.

فلو قال قائل بعد هزيمة جرمانية (ألمانيا): «إن الدولة الجرمانية ستعيد الكرة على أعدائها وتهزمهم في بضع سنين»، ثم وقع الأمر طبق ما قال ذلك القائل لصدقه جميع الناس في كل ما يقول وآمنوا به، فماذا يقول المنكرون لمعجزات القرآن من غلاة أعدائه الأجانب، وأذنابهم من الأغمار، من سكان البلاد العربية والإسلامية، في هذه المعجزة الخالدة؟ ؟ وكم وكم من أمثالها في القرآن لمن تدبر القرآن، وسلمت عين بصيرته من غشاوة التعصب الممقوت والجهل والتهور والطيش.

9 - قوله (وقرئ: غلبت (بالفتح)، وسيغلبون (بالضم) الخ.

هذه قراءة ضعيفة خارجة عن السبع، شاذة. والمعنى على هذه القراءة: غلبت الروم فارس، وسيغلبهم العرب المسلمون. وقد غزا المسلمون الروم قصاصًا منهم في السنة التاسعة من نزولها. والقراءة الأولى هي المعتمدة.

10 - قوله (وعلى هذا تكون إضافة الغلب إلى الفاعل) يعني على القراءة الشاذة، يكون المصدر مضافا إلى فاعله.

والتقدير: من بعد أن غلب الروم الفرس سيغلبون - بضم الياء وفتح اللام - أي يغلبهم المسلمون. وهذا آخر المقال الثاني من تقويم اللسانين. وموعدنا الجزء التالي بحول الله وقوته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015