تقويم اللسانين (صفحة 177)

والأرض، فلا يلزم صاحب الشرع أن يبينه. ألا ترى أنه كيف أحال معرفته على العقول في نحو قوله: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وبقوله: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} وغير ذلك من الآيات وضرب يجب عليه بيانه كأصول الشرعيات المختصة بشرعه، وضرب يمكن الوقوف عليه بما بينه صاحب الشرع كفروع الأحكام.

وإذا اختلف الناس في أمر غير الذي يختص بالنبي بيانه فهو مخير بين أن يبين وبين أن لا يبين حسبما يقتضي اجتهاده وحكمته، فإذن قوله تعالى: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} لم يرد به كل ذلك، وهذا ظاهر لمن ألقى العصبية عن نفسه، اهـ. قال محمد تقي الدين: قول الراغب (ضرب في بيانه مفسدة) الخ خطأه لأن صاحب الشريعة لا يعرف وقت القيامة لقوله تعالى في سورة الأعراف: (187) {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} وقوله سبحانه في سورة لقمان: (34) {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}.

وقوله (وضرب معقول، يمكن للناس إدراكه) الخ، جرى في ذلك على مذهبه الاعتزالي أن العقل وحده كاف لمعرفة الله، والحق أن العقل وحده لا يكفى في ذلك، فلا بد من بيان الرسل، وسائر كلامه لا إشكال فيه.

وعلى ما زعمه المعترض يكون معنى قوله تعالى: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} ولأبين لكم مسألة واحدة من الذي تختلفون فيه، وكفى بقول يفضي إلى هذا فسادا، ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة آل عمران: (50) {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} قال القنوجي في: فتح البيان، عن الربيع قال: كان الذي جاء به عيسى ألين مما جاء به موسى، وكان قد حرم عليهم فيما جاء به موسى، لحوم الإبل والثروب، فأحلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015