إليه. وكل شيء خلقه الله فهو مبتدئه على غير مثال سبق إليه: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] اهـ:
ويطلق الخلق أيضا على التقدير قال في اللسان: وخلق الأديم يخلقه خلقا، قدره لما يريد قبل القطع، وقاسه ليقطع منه مزاد أو قربة أو خفا. قال زهير يمدح رجلا.
ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
يقول: أنت إذا قدرت أمرا قطعته وأمضيته، وغيرك يقدر مالا يقطعه لأنه ليس بماضي العزم، وأنت مضاء على ما عزمت عليه. اهـ
أقول: وقد رأيت أهل البادية في الصحراء يدبغون جلد البعير ويقطعونه نعالا، فكلما احتاج أحدهم إلى نعلين يضع قدمه اليمنى على قطعة كبيرة من الجلد المذكور، فيأتي الشخص الذي يقطع النعلين ويخط خطا إلى جانب القدم دائرًا بها، وذلك هو الخلق ثم يقطع النعل على ذلك التخطيط، وذلك القطع هو الفري، ثم يفعل ذلك بالقدم الأخرى، فتجيء النعلان على قدر القدمين بلا زيد ولا نقص: فقول الشاعر:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـ ... ـض القوم يخلق ثم لا يفري
يريد أن ممدوحه متى عزم على شي نفذ عزمه، وغيره يعزم ويقدر، ثم لا ينفذ شيئا، لأنه خائر العزيمة، ضعيف الإرادة.
والمعنى الثالث للخلق هو الكذب. قال تعالى {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت: 17] أي تكذبون كذبا. وقال الشاعر:
لي حيلة فيمن ينم ... وليس في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقو ... ل فحيلتي فيه قليلة