تقويم اللسانين (صفحة 141)

لغتهم ولا يعبأون بحياتها وموتها وصحتها وسقمها فإلى الله المشتكى.

وسأقتصر هنا على ذكر الخطأ المشار إليه والدعوة إلى إصلاحه وهذا الخطأ مقصور على التحدث والنطق وهو حذف تاء التأنيث المتحركة، والاختصار على حركة ما قبلها وهي الفتحة فبعضهم يمدها فينشأ عنها ألف وأكثرهم لا يمدها فمن ذلك قولهم المملكة العربية السعودية (المملكا العربيا السعوديا) ومن ذلك قولهم (الأجهزَ الإعلامية) ومن ذلك (الأسمدَ الكيماوية) (الطاق البشرية) (الأمم الداخل في الإسلام) وهذا في نظري فساد عظيم بدأت به العامة الجهال وشاع وذاع وألفته الأسماع فاقتدت بهم الخاصة، ويمكننا أن نخفف اللوم على العامة لجهلهم بقواعد اللغة العربية فإذا قالوا مثلا الأمم الداخلة في الإسلام يلزمهم إعراب (الداخلة) والنطق بها إما مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة حسب ما يقتضيه العامل فيخافون أن يخطئوا في إعرابها فيحذفون التاء ويستريحون فهؤلاء لهم شيء من العذر لجهلهم، أما الخاصة العاملون بالنحو فلا عذر لهم وهم ملومون من وجهين، الأول تعمدهم لإفساد لغة القرآن، الثاني اقتداؤهم بالجهال.

والعجب كل العجب أن هذا الفساد نفسه قد سبق إليه العبرانيون والسريانيون منذ آلاف السنين، فإن الرأي الصحيح الذي عليه المحققون من علماء هذا الشأن أن اللغة العربية هي الأصل وسائر اللغات السامية تفرعت عنها كما تفرعت العامية عن الفصحى ومن العجب أن التطور الذي وقع في اللغة العبرانية واللغة السريانية هو بعينه الذي وقع في اللغة العامية فإن العبرانية والسريانية كان فيهما إعراب في الأصل ولا تزال بقاياه في اللغة العبرانية ولما كثر الجهل بالقواعد فيهما أخذ الإعراب يزول شيئا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015